ابْن الْحَاجِب فِي مُدَّة تِسْعَة عشر يوماًص وَهَذَا أَمر عَجِيب إِلَى الْغَايَة فَإِن أَلْفَاظ الْمُخْتَصر غلقة عقدَة مَا يرتسم مَعْنَاهَا فِي الذِّهْن ليساعد على الْحِفْظ وَحفظ المحصل فِي أصُول الدّين وَهُوَ قريب من أَلْفَاظ الْمُخْتَصر وَحفظ الْمُنْتَقى فِي الْأَحْكَام وَشرع فِي حفظ أَشْيَاء لم تكمل مثل مطلع النيرين والمنهاج للشَّيْخ محيي الدّين وتصريف ابْن الْحَاجِب وَكَانَ يحفظ من الْمُنْتَقى فِي أَيَّام عديدة كراسة فِي كل يَوْم والكراسة قطع الْبَلَدِي تضمن خمس مائَة سطر
وَفِي سنة خمس عشرَة وَسبع مائَة ولي تدريس العادلية الصَّغِيرَة وفيهَا أذن لَهُ بالإفتاء وَكَانَ لَهُ من الْعُمر ثَلَاث وَعِشْرُونَ سنة
وَلما توفّي شَيْخه الشَّيْخ برهَان الدّين ابْن الشَّيْخ تَاج الدّين جلس بعده بالجامع الْأمَوِي فِي حَلقَة)
الأشغال فِي الْمَذْهَب وتأدب مَعَ شَيْخه فأخلى مَكَانَهُ وَجلسَ دونه وعلق دروساًص من التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفِقْه مفيدة وأقدم من سمع عَلَيْهِ الحَدِيث هَدِيَّة بنت عَسْكَر وَأحمد ابْن مشرف
وَحج إِلَى سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسبع مائَة سبع مَرَّات جاور فِي الأولى بِمَكَّة بعض سنة عشْرين وجاور فِي الثَّانِيَة سنة أَرْبَعِينَ بِمَكَّة وَالْمَدينَة وَلما حضر من الْحجاز كتبت لَهُ توقيعاً بِإِعَادَة تدريس الدولعية ونظرها إِلَيْهِ وَهَذِه نسخته رسم بِالْأَمر العالي لَا زَالَ يرْتَفع بِهِ الْعلم الشريف إِلَى فخره ويعيده إِلَى خير حبر تقتبس الْفَوَائِد من نوره وتغترف من بحره ويجمل الزَّمَان بولائه من هُوَ علم عصره وفخر مصره أَن يُعَاد الْمجْلس العالي الفخري إِلَى كَذَا وَكَذَا وضعا للشَّيْء فِي مَحَله ورفعاً للوبل على طله ودفعاً لسيف النّظر إِلَى يدٍ هِيَ مألف هزه وسله ومنعاً لشعب مَكَّة أَن ينزل غير أَهله إِذْ هُوَ لأَصْحَاب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ حجَّة ولبحر مذْهبه الزاخر لجة وَلأَهل فَضله الَّذين يقطعون مفاوزه بالسرى صبح وبالمسير محجة طالما نَاظر الأقران فعدلهم وجادل الْخُصُوم فِي حومة الْبَحْث فجد لَهُم وجد لَهُم كم قطع الشُّبُهَات بحجج لَا يعرفهَا وأتى بِوَجْه مَا رأى الرؤياني أحلى مِنْهُ فِي أَحْلَام الطيف وَدخل بَاب علم فَتحه الْقفال لطَالب نِهَايَة الْمطلب التبري وارتوى من معِين ورد عين حَيَاته الخضري وَتمسك بِفُرُوع صَحَّ سبكها فَقَالَ ابْن الْحداد هَذَا هُوَ الذَّهَب الْمصْرِيّ وأوضح المغالط بِمَا نسف بِهِ جبال النَّسَفِيّ وروى أَقْوَال اصحاب الْمَذْهَب بحافظة يتمناها الْحَافِظ السلَفِي كم جاور بَين زَمْزَم وَالْمقَام وَألقى عَصا سَفَره لما رَحل عَنْهَا الحجيج وَأقَام وَكم طَابَ لَهُ الْقَرار بطيبه وعطر بالأذخر والجليل ردنه وجيبه وَكم استروح بِظِل نخلها والسمرات وتملى بمشاهدة الْحُجْرَة الشَّرِيفَة وَغَيره يسفح على قرب تربها العبرات وَكم كتب لَهُ بالوصال وُصُول وَبث شكواه فَلم يكن بَينه وَبَين الرَّسُول رَسُول لَا جرم أَنه عَاد وَقد زَاد وقارا وآب بَعْدَمَا غَابَ لَيْلًا فتوضح شَيْبه نَهَارا فليباشر مَا فوض إِلَيْهِ جَريا على مَا عهد مَا افادته وَألف من رياسته لهَذِهِ الْعِصَابَة وسيادته وَعرف من زِيَادَة يَوْمه على أمسه فَكَانَ كنيل بِلَاده وَلَا يتعجب من زِيَادَته حَتَّى يحيى بدرسه مَا درس ويثمر عود الْفُرُوع فَهُوَ الَّذِي أَنْبَتَهُ بِهَذِهِ الْمدرسَة وغرس مجتهداًص فِي نظر وَقفهَا مُعْتَمدًا على تتبع وَرَقَات حِسَابهَا وصفحها عَاملا بِشُرُوط الْوَاقِف فِيمَا شَرط قَابِضا مَا قَبضه وباسطاً مَا بسط وتقوى الله تَعَالَى جنَّة يرتع فِيهَا خاطره ويسرح فِي رياضها الناضرة ناظره وَمثله لَا يُنَبه عَلَيْهَا وَلَا يومأ لَهُ)
بالإشارات إِلَيْهَا فَلَا ينْزع مالبسه من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute