(فأرق مقلتي وجدا وشوقاً ... وعذّب مهجتي هجراً ونايا)
(وأتعب سائري إِذْ رق قلبِي ... وَفِي ضعف الْمُلُوك أَذَى الرعايا)
(تغنم صحبتي يَا صَاح إِنِّي ... نزعت عَن الصِّبَا إِلَّا بقايا)
(وَخَالف من تنسك من رجالٍ ... لقوك بأكبد الْإِبِل الأبايا)
(وَلَا تسلك سوى طرقي فَإِنِّي ... أَنا ابْن جلا وطلاع الثنايا)
(وقم نَأْخُذ من اللَّذَّات حظاً ... فَإنَّا سَوف تدركنا المنايا)
(وساعد زمرةً ركنوا إِلَيْهَا ... فآبوا بالنهاب وبالسبايا)
(وأهد إِلَى الْوَزير الْمَدْح يَجْعَل ... لَك المرباع مِنْهَا والصفايا)
(وَقل للسائرين إِلَى ذراه ... ألستم خير من ركب المطايا)
قلت لَا يخفى على من لَهُ ذوق حسن هَذَا التَّضْمِين الَّذِي فِي هَذِه الأبيات وَله قصيدة يصف فِيهَا الشمعة أحسن فِيهَا كل الْإِحْسَان كل الْإِحْسَان وَقد استغرق سَائِر الصِّفَات وَلم يكد يخلي لمن بعده فضلا كَمَا فعل ابْن الرُّومِي فِي قصيدته القافية فِي وصف السَّوْدَاء وقصيدة الأرجاني
(نمت بأسرار ليلٍ كَانَ يخفيها ... وأطلعت قَلبهَا للنَّاس من فِيهَا)
(قلبٌ لَهَا لم يرعنا وَهُوَ مكتمنٌ ... إِلَّا ترقيه نَارا فِي تراقيها)
(سفيهةٌ لم يزل طول اللِّسَان لَهَا ... فِي الْحَيّ يجني عَلَيْهَا صرف هاديها)
(غريقةٌ فِي دموعٍ وَهِي تحرقها ... أنفاسها بدوامٍ من تلظيها)
(تنفست نفس المهجورة ادكرت ... عهد الخليط فَبَاتَ الوجد يبكيها)
)
(يخْشَى عَلَيْهَا الردى مهما ألم بهَا ... نسيم ريحٍ إِذا وافى يُحْيِيهَا)
(بَدَت كنجمٍ هوى فِي إِثْر عفريةٍ ... فِي الأَرْض فاشتعلت مِنْهُ نَوَاصِيهَا)
(كَأَنَّهَا غرةٌ قد سَالَ شادخها ... فِي وَجه دهماء يزهاها تجليها)
(أَو ضرةٌ خلقت للشمس حاسدةٌ ... فَكلما حجبت قَامَت تحاكيها)
(وحيدةٌ بشباة الرمْح هازمةٌ ... عَسَاكِر اللَّيْل إِن حلت بواديها)
(مَا طنبت قطّ فِي أَرض مخيمةً ... إِلَّا وأقمر للأبصار داجيها)
(لَهَا غرائب تبدو من محاسنها ... إِذا تفكرت يَوْمًا فِي مَعَانِيهَا)
(فالوجنة الْورْد إِلَّا فِي تنَاولهَا ... والقامة الْغُصْن إِلَّا فِي تثنيها)
(قد أثمرت وردةً حَمْرَاء طالعةً ... تجني على الأكف إِن أهويت تجنيها)
(وردٌ تشابك بِهِ الْأَيْدِي إِذا قطفت ... وَمَا على غصنها شوكٌ يوقيها)
(صفرٌ غلائلها حمرٌ عمائمها ... سودٌ ذوائبها بيض لياليها)