(وَرَاح وشعره حُلْو رَقِيق ... فَمَا يتَكَلَّم الْقطر النباتي)
وَسمعت من لَفظه فرائد السلوك وَسمعت من لَفظه الْمُنْتَخب المنصوري وَسمعت من لَفظه النحلة الأنسية فِي الرحلة القدسية وغالب مَا انشأه من النّظم والنثر سمعته وَكنت قد كتبت بِالْقَاهِرَةِ على قِطْعَة)
أهداها من شعره الوافر
(أيا ابْن نَبَاته أهديت شعرًا ... نَصِيبي سكر مِنْهُ وسكر)
(يفوت الْغَيْث عدا وَهُوَ حُلْو ... فشعرك كَيفَ مَا حاولت قطر)
وَقد اخْتَار من دواوين الشُّعَرَاء جملَة مِنْهَا ديوَان ابْن الرُّومِي وديوان ابْن سناء الْملك وديوان ابْن قلاقس وديوان ابْن حجاج وَهُوَ اخْتِيَار جيد سَمَّاهُ تلطيف المزاج من شعر ابْن حجاج وديوان شرف الدّين شيخ الشُّيُوخ وبيني وَبَينه مكاتبات كَثِيرَة ومراجعات أثيرة مِنْهَا مَا كتبه إِلَيّ وَأَنا بِالْقَاهِرَةِ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَهُوَ الْبَسِيط
(رضيت بالكتب بعد الْقرب فَانْقَطَعت ... حَتَّى رضيت سَلاما فِي حواشيها)
وَينْهى أَنه كَانَ كسير الخاطر حسير النَّاظر لانْقِطَاع بر مَوْلَانَا الممتاز ولامتناع الْمَمْلُوك من الْمُكَاتبَة ظنا أَن بَينهَا وَبَين الْقَصْد حجاز فَلَمَّا وقف الْآن على ذكره فِي حَاشِيَة مُكَاتبَة جمالية اسْتَأْنف للخاطر سُرُورًا وَأقَام وزن الْبَيْت القلبي وَكَانَ مكسوراً وَوضع الطرس على وَجه خطه الْأَعْمَى فَارْتَد بَصيرًا يُوسُف وَجمع بَين ذَلِك الخاطر وَاللَّفْظ وَالْقلب وَإِنَّمَا جمع مِسْكينا ويتيما وأسيرا الْإِنْسَان وسره أشهد الله أَن يكون مَعْدُود الذّكر فِي الْحَاشِيَة واستوقف أَلْفَاظ العتاب وَقد كَانَت إِلَى درج الأدراج مَاشِيَة الطَّوِيل
(حَلَال لليلى أَن تروع فُؤَاده ... بهجر ومغفور لليلى ذنوبها مرفل الْكَامِل)
(لَا تقرعن سَماع من تهوى ... بتعداد الذُّنُوب)
(مَا ناقش الأحباب ... إِلَّا من يعِيش بِلَا حبيب)
وَقد علم الله شوق الْمَمْلُوك إِلَى تِلْكَ الْخَلَائق وربيعها والألفاظ وبديعها وشجوه الَّذِي أخْفى الْجلد وأبانه ووحشته الَّتِي أفردته سَهْما وَاحِدًا فِي دمشق لَا فِي كنَانَة الْبَسِيط
(لم يتْرك الدَّهْر لي خلا أسر بِهِ ... إِلَّا اصطفاه بنأي أَو بهجران)
وَالله تَعَالَى يحرس مَوْلَانَا حَيْثُ كَانَ ويمده بمعونتي الْمَكَان والإمكان ويصون نفاسة نَفسه وَإِن تَغَيَّرت على أحبابها وأعرضت عَن غلمانها ويأبى ناموس الرُّتْبَة أَن يُقَال عَن أَصْحَابهَا وَلَا يعْدم الْأَوْلِيَاء على الْقرب والبعد أَن يجتنوا من نظمه ونثره ثَمَر الْبَيَان متشابهاً الْمَمْلُوك يقبل يَد الجناب الأخوي البرهاني شكر الله احسانه وأوضح فِي اسْتِحْقَاق رتب الْفضل برهانه وود الْمَمْلُوك لَو رَآهُ عِنْد الْقدوم من حلب فَكَانَ يُوفي بعض قروض فَضله وفروض بذله وَلَكِن أَبى الْحَال الْمُنَاسب إِلَّا أَن تبدأ هَدِيَّة ذَلِك الْمولى تحيته فيقابلها الْمَمْلُوك ببخله يَا مَوْلَانَا بلغ الْمَمْلُوك تقدم الْمقر الْفُلَانِيّ وتبينه وتعينه وَأَرَادَ الْمَمْلُوك مطالعته