القاهر فَقَالَ لَهُ الصاحب زين الدّين ابْن الزبير مَا لقب أحد بِالْملكِ القاهر فأفلح لقب بِهِ القاهر بن المعتضد فَلم تطل أَيَّامه وخلع ثمَّ سمل وتلقب بِهِ القاهر ابْن صَاحب الْموصل فسم وَلم تزد أَيَّامه فِي المملكة على سبع سِنِين فَأبْطل الْملك القاهر وتلقب بِالظَّاهِرِ وَزَاد إقطاعات من رأى اسْتِحْقَاقه من الْأُمَرَاء وخلع عَلَيْهِم وسير آفوش المحمدي بتواقيع الْأَمِير علم الدّين الْحلَبِي فَوَجَدَهُ قد تسلطن بِدِمَشْق فشرع الظَّاهِر فِي استفساد من عِنْده فَخَرجُوا عَلَيْهِ ونزعوه من السلطنة وَتوجه إِلَى بعلبك فأحضروه مِنْهَا وتوجهوا بِهِ إِلَى مصر وَصفا الْملك بِالشَّام للْملك الظَّاهِر وَضبط الْأُمُور وساس الْملك أتم سياسة وَفتح الفتوحات وباشر الحروب بِنَفسِهِ
وَكَانَ جباراً فِي الْأَسْفَار والحصارات والحروب وخافه الأعادي من التتار والفرنج وَغَيرهم لِأَنَّهُ روعهم بالغارات والكبسات وخاض الْفُرَات بِنَفسِهِ فَأَلْقَت العساكر بأنفسها خَلفه وَوَقع التتار فَقتل مِنْهُم مقتلة عَظِيمَة وَأسر تَقْدِير مِائَتي نفس وَفِي ذَلِك قَالَ محيي الدّين ابْن عبد الظَّاهِر
(تجمع جَيش الشّرك من كل فرقة ... وظنوا بِأَنا لَا نطيق لَهُم غلبا)
)
(وَجَاءُوا إِلَى شاطي الْفُرَات وَمَا دروا ... بِأَن جِيَاد الْخَيل تقطعها وثبا)
(وَجَاءَت جنود الله فِي الْعدَد الَّتِي ... تميس بهَا الْأَبْطَال يَوْم الوغى عجبا)
(فعمنا بسد من حَدِيد سباحةً ... إِلَيْهِم فَمَا اسطاع الْعَدو لَهُ نقبا)
وَقَالَ بدر الدّين يُوسُف بن المهمندار
(لَو عَايَنت عَيْنَاك يَوْم نزالنا ... وَالْخَيْل تطفح فِي العجاج الأكدر)
(وَقد اطلخم الْأَمر واحتدم الوغى ... ووهى الجبان وساء ظن المجتري)
(لرأيت سداً من حَدِيد مائراً ... فَوق الْفُرَات وفوقه نَارا تري)
(طفرت وَقد منع الفوارس مدها ... يجْرِي وَلَوْلَا خَيْلنَا لم تطفر)
(وَرَأَيْت سيل الْخَيل قد بلغ الزبى ... وَمن الفوارس أبحراً فِي أبحر)
(لما سبقنَا أسهماً طاشت لنا ... مِنْهُم إِلَيْنَا بالخيول الضمر)
(لم يفتحوا للرمي مِنْهُم أعيناً ... حَتَّى كحلن بِكُل لدن أسمر)
(فتسابقوا هرباً وَلَكِن ردهم ... دون الْهَزِيمَة رمح كل غضنفر)
(مَا كَانَ أجْرى خَيْلنَا فِي أَثَرهم ... لَو أَنَّهَا برؤوسهم لم تعثر)
(كم قد فلقنا صَخْرَة من صرخة ... وَلكم ملأنا محجراً من محجر)