للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يسْلك مَسْلَك ابْن الزبير فِي وضع الحكايات على نَفسه ظرفا مِنْهُ وَلِئَلَّا يدع لأحد عَلَيْهِ كلَاما يتهكم بِهِ وحكاياته فِي ذَلِك مَشْهُورَة مِنْهَا أَنه حكى لجَماعَة الدِّيوَان قَالَ جَاءَت الْيَوْم امْرَأَة مَا رَأَيْت فِي عمري أحسن مِنْهَا وراودتني على ذَلِك الْفِعْل فَلَمَّا كَانَ مَا كَانَ أردْت أَن أدفَع إِلَيْهَا شَيْئا من الذَّهَب فَقَالَت مَا فعلت هَذَا لحَاجَة وَلَكِن أَرَأَيْت فِي عمرك أحسن مني فَقلت لَا)

وَالله فَقَالَت إِن زَوجي يدعني ويميل إِلَى وَاحِدَة مَا رَأَيْت فِي عمري أوحش مِنْهَا

فَلَمَّا عذلته ونهيته وَمَا انْتهى أردْت مكافأته وَقد فتشت هَذِه الْمَدِينَة فَلم أر فِيهَا أوحش مِنْك فَفعلت مَعَك هَذَا مُقَابلَة لزوجي كَونه تركني وَمَال إِلَى أوحش من فِي هَذِه الْمَدِينَة فَقلت لَهَا أَنا هَا هُنَا كلما اجْتمع زَوجك بِتِلْكَ تعالي أَنْت إِلَيّ

وَأَنا أعتقد أَن ذَلِك لم يَقع وَإِنَّمَا أَرَادَ بهاء الدّين زُهَيْر بذلك أَن يتظرف ويسبق النَّاس إِلَى التندير عَلَيْهِ رَحمَه الله وسامحه

وكتابته جَيِّدَة قَوِيَّة مصقولة مليحة منسوبة رَأَيْت بِخَطِّهِ نسختين بالأمثال للميداني وخطه عِنْدِي على بعض مجلداته

وَذكر القَاضِي شمس الدّين أَحْمد بن خلكان أَنه اجْتمع بِهِ وَأثْنى عَلَيْهِ ثَنَاء كثيرا فِي تَرْجَمته فِي تَارِيخه وروى عَنهُ شهَاب الدّين القوصي عدَّة قصائد والدمياطي وَغَيرهمَا

نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي المعجم قَالَ أَنْشدني بهاء الدّين أَبُو الْفَضَائِل لنَفسِهِ من الطَّوِيل

(وحقكم مَا غير الْبعد عهدكم ... وَإِن حَال حَال أَو تغير شان)

(فَلَا تسمعوا فِينَا بحقكم الَّذِي ... يَقُول فلَان عنْدكُمْ وَفُلَان)

(لدي لكم ذَاك الْوَفَاء بِحَالهِ ... وَعِنْدِي لكم ذَاك الوداد يصان)

(وَمَا حل عِنْدِي غَيْركُمْ فِي محلكم ... لكل حبيب فِي الْفُؤَاد مَكَان)

(وَمن شغفي فِيكُم ووجدي أنني ... أَهْون مَا أَلْقَاهُ وَهُوَ هوان)

(وَيحسن قبح الْفِعْل إِن جَاءَ مِنْكُم ... كَمَا طَابَ ريح الْعود وَهُوَ دُخان)

قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ من الوافر

(حَبِيبِي عينه قَالُوا تشكت ... وَذَلِكَ لَو دروا عين الْمحَال)

(أتشكو عينه ألماً وفيهَا ... يُقَال أصح من عين الغزال)

(وَلَكِن أشبهت لون الحميا ... كَمَا أشبهتها فِي الفعال)

قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ من مجزوء الْكَامِل

(وافى كتابك وَهُوَ بَال ... أشواق عني يعرب)

<<  <  ج: ص:  >  >>