بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم سَأَلَ بعض الْفُضَلَاء عَن الْحِكْمَة فِي فَاسْتَطْعَمَا أَهلهَا دون فاستطعماهم مَعَ أَنه أخصر قلت وَالله الْمُوفق إِنَّه لما كَانَت الْأَلْفَاظ تَابِعَة للمعاني لم يتحتم الْإِضْمَار بل قد يكون التَّصْرِيح أولى بل رُبمَا يكَاد يصل إِلَى حد الْوُجُوب كَمَا سنبين إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَيدل على الْأَوْلَوِيَّة قَول أَرْبَاب علم الْبَيَان مَا هَذَا ملخصه لما كَانَ للتصريح عمل لَيْسَ للكناية كَانَ إِعَادَة اللَّفْظ من الْحسن والبهجة والفخامة مَا لَيْسَ لرجوع الضَّمِير انْتهى كَلَامهم فقد يعدل إِلَى التَّصْرِيح إِمَّا للتعظيم وَإِمَّا للتحقير وَإِمَّا للتشنيع والنداء بقبح الْفِعْل وَإِمَّا لغَيرهم فَمن التَّعْظِيم قَوْله تَعَالَى قل هُوَ الله أحد الله الصَّمد دون هُوَ وَقَوله تَعَالَى وبالحق أَنزَلْنَاهُ وبالحق نزل وَلم يقل وَبِه وَقَوله الْحَج أشهر مَعْلُومَات فَمن فرض فِيهِنَّ الْحَج فَلَا رفث وَلَا فسوق وَلَا جِدَال فِي الْحَج فقد كرر لفظ الْحَج مرَّتَيْنِ دون أَن يُقَال فَمن فَرْضه فِيهِنَّ وَلَا جِدَال فِيهِ إعلاماً بعظامه صدلر هَذِه الْعِبَادَة من حَيْثُ أَنَّهَا فَرِيضَة الْعُمر وفيهَا شبه عَظِيم بِحَال الْمَوْت والبعث)
فَنَاسَبَ حَال تَعْظِيمه فِي الْقُلُوب التَّصْرِيح باسمه ثَلَاث مَرَّات وَمِنْه قَول الْخَلِيفَة أَمِير الْمُؤمنِينَ نرسم بِكَذَا دون إِنَّا إِمَّا لتعظيم ذَلِك الْأَمر أَو لتقوية دَاعِيَة الْمَأْمُور أَو نَحْوهمَا
وَقَول الشَّاعِر من الرجز نفس عصامٍ سودت عصاما وَقَول أبي تَمام من الْخَفِيف
(قد طلبنا فَلم نجد لَك فِي السؤ ... دَد وَالْمجد والمكارم مثلا)
فَإِن إِيقَاع الطّلب على الْمثل أوقع من إِيقَاعه على ضَمِيره لَو قَالَ طلبنا لَك مثلا فَلم نجده
وَقَول بعض أهل الْعَصْر من الطَّوِيل
(إِذا برقتْ يَوْمًا أسرة وَجهه ... على النَّاس قَالَ النَّاس جلّ الْمنور)
وَأما مَا يكَاد يصل إِلَى حد الْوُجُوب فَمثل قَوْله تَعَالَى يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك إِلَى قَوْله وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي إِن أَرَادَ النَّبِي أَن يستنكحها إِن عدل عَن الْإِضْمَار إِلَى التَّصْرِيح وَكرر اسْمه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَنْبِيها على أَن تَخْصِيصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute