لخمر الغمود بتجريدك عَن وُجُوه الْبيض انحسار وَلَك الْمعرفَة فِي الْحَرْب ولاماتها والشجاعة وآلاتها وَإِلَيْك فِي أمرهَا التَّفْضِيل ولديك علم مَا لجملتها من تَفْصِيل وَهَا هِيَ احتوت على المفاضلة بَين الرُّمح وَالسيف وَلم تدر بعد ذَلِك كَيفَ فإنَّ السَّيْف قد شرَع يَتَقوَّى بحدّه وَلَا يقف بِمَعْرِِفَة نَفسه عِنْد حدّه وَالرمْح يتكثّر بأنابيبه ويستطيل بِلِسَان سنانه وَلم يثنِ فِي وصف نَفسه فضلَ عِنانه وَقد أطرقتُها حماك لتَحكم بَينهمَا بالحقِّ السويّ وتُنصف بَين الضَّعِيف وَالْقَوِي أمَّا السَّيْف فإنَّه يَقُول أَنا الَّذِي لصفحتي الغُرَر ولحدِّي الغِرار وَتَحْت ظِلالي فِي سَبِيل الله الجنَّة وَفِي إظلالي على الأَعداء النَّار ولي البُروق الَّتِي هِيَ للبصائرِ لَا الأَبصارِ خاطفة وطالما لمعت فَسَحَّتْ سحب النَّصْر واكفة ولي الجفون الَّتِي مَا لَهَا غير نصر الله من بصر وَكم أغفت فمرَّ بهَا طيف من الظفر وَكم بَكت عليَّ الأَجفان لمَّا تعوَّضتُ عَنْهَا الأَعناقَ عُمودا وَكم جلبتُ الْأَمَانِي بيضَ والمنايا سُودًا وَكم ألحقتُ رَأْسا بقدم وَكم رعيت فِي خصيبٍ نبته اللّمم وَكم جَاءَ النَّصْر الْأَبْيَض لما أسلتُ النجيع الْأَحْمَر وَكم اجتُني ثَمَر التأييد من ورق حديدي الْأَخْضَر وَكم من آيَة ظفرٍ تلوتها لمَّا صلَّيتُ واتَّقد لهيب فكري فأصليت فوصفي هُوَ كذاتي الْمَشْهُور وفضلي هُوَ الْمَأْثُور فَهَل يَتَطَاوَل الرمْح إِلَى مفاخرتي وَأَنا الْجَوْهَر وَهُوَ الْعرض وَهُوَ الَّذِي يُعتاض عَنهُ بِالسِّهَامِ وَمَا عنِّي عوض وَإِن كَانَ ذَاك ذَا أسنَّة فَأَنا أُتَقَلَّدُ كالمِنَّة كم حَملته يدٌ فَكَانَت حمَّالة الْحَطب وَكم فَارس كَسبه بحَمَلاته فَمَا أغْنى عَنهُ مَا كسب حدّه لَيْسَ من جنسه ونفعه لَيْسَ من شَأْن نَفسه وَأَيْنَ سمر الرماح من بيض الصّفاح وَأَيْنَ ذُو الثعالب من الَّذِي يُحمى بِهِ أُسود الضرائب وَهل أَنْت إلَاّ طَوِيل بِلَا بركَة وعاملٌ كم عزلتك النبال بزائد حَرَكَة فَنَطَقَ الرمْح بِلِسَان سنانه مفتخراً وَأَقْبل فِي علمه)
معتجراً وَقَالَ أَنا الَّذِي طُلتُ حتَّى اتَّخذت أسنَّتي الشُّهب وعلوتُ حتَّى كَادَت السَّمَاء تعقدُ عليَّ لِوَاء من السحُب كم مَيَّل نسيم النَّصْر غصني وميَّد وَكم وَهِي بِهِ للملحدين ركنٌ وللموحِّدين تشيّد وَكم شمس ظفرٍ طلعت وَكَانَت أسنَّتي شعاعها وَكم دِمَاء أطرت شَعاعها وطالما أثمر غصني الرؤوس فِي رياض الْجِهَاد وغدت أسنَّتي وكأنما صيغت من سرُور فَمَا يخطرن إلَاّ فِي فؤاد وَكم شبّهت أعطاف الحسان بِمَا لي من مَيَل وَضرب بطول ظلّ قناتي الْمثل وزاحمت فِي المواكب للرياح بالمناكب وحسبي الشّرف الْأَسْنَى أنَّ أَعلَى الممالك مَا عليَّ يبْنى مَا لمع سناني فِي الظلماء إلَاّ خَاله المارد من رجوم السَّمَاء فَهَل للسيف فخرٌ يطاول فخري أَو قدرٌ يُسامي قدري وَلَو وقف السَّيْف عِنْد حدّه لعلم أنَّه الْقصير وَإِن كَانَ ذَا الحلى وَأَنا الطَّوِيل ذُو العلى وطالما صدع هاماً فعادك هاماً وَقصر عِنْد العِدى وألمَّ بصفحته كَلَف الصدى وفلَّ حدّه وأذابه الرُّعب لَوْلَا غمده فَهَل يطعن فيَّ بِعَيْب وَأَنا الَّذِي أطعن حَقِيقَة بِلَا ريب وَمن هَاهُنَا آن أَن أمسك عَنْك لِسَان سناني وَنَرْجِع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute