أَنا لَك يَا ابْن الْوَكِيل تنظمني فَيَجِيء أحسن وَأبين وَتَكون أَنْت أَحَق بِي من الْجِرْجَانِيّ وَهَذَا اتِّفَاق عَجِيب إِلَى الْغَايَة مَا مر بِي مثله وَالظَّاهِر أَن الشَّيْخ صدر الدّين لما وقف على هَذَا الْمَعْنى تنبه لَهُ وَأَخذه فَكَانَ لَهُ وَهُوَ بِهِ أَحَق وَهَذَا الْمَعْنى قد ابتكره الْجِرْجَانِيّ أَبُو عَامر وَترك فِيهِ فضلَة فجَاء الشَّيْخ صدر الدّين رَحمَه الله تَعَالَى وجوده وَلم يبْق لأحد بعده مطمح إِلَى زِيَادَة وَلَا مطمع فِي إِفَادَة وَمَا بَقِي إِلَّا اخْتِصَار أَلْفَاظه فَقَط فَقلت
(قَالَ حبي أَنا لَهُ ... وَلكم قلت سرمدا)
(أَنا للْملك قلتهَا ... وَهُوَ للغيظ هددا)
وَقَالَ الشَّيْخ صدر الدّين
(غازل وَخذ من نرجسٍ من لحظه ... منثور دمعٍ كُلهنَّ نظام)
(وَاحْذَرْ إِذا بعث السَّلَام إِلَيْك من ... نبت العذار فَإِنَّهُ نمام)
وَقَالَ أَيْضا دوبيت
(كم قَالَ معاطفي حكتها الأسل ... وَالْبيض سرقن مَا حوته الْمقل)
(الْآن أوامري عَلَيْهِم حكمت ... الْبيض تحدّ والقنا تعتقل)
وَقَالَ أَيْضا
(عانقت وبالعناق يشفى الوجد ... حَتَّى شفي الصب وَمَات الصد)
(من أَخْمُصُهُ لثماً إِلَى وجنته ... حَتَّى اشتكت القضب وضج الْورْد)
وَقَالَ
(بكف الثريا وَهِي جذما تقاس لي ... شقَاق دجىً مدت من الشرق للغرب)
(وَلَو ذرعوها بالذراع لما انْقَضتْ ... فَمَا تَنْقَضِي يَا ليل أَو يَنْقَضِي نحبي)
وَأَنا شَدِيد التَّعَجُّب مِنْهُ رَحمَه الله تَعَالَى فَإِنَّهُ لم يكن عَاجِزا عَن النّظم الْجيد وَبعد هَذَا كَانَ يَأْخُذ أَشْيَاء من قصائد ومقاطيع ويدعيها من ذَلِك أَنه امتدح السُّلْطَان بقصيدة عِنْدَمَا فرغ الْقصر الأبلق من الْعِمَارَة بقلعة الْجَبَل وَهِي بمجموعها لِابْنِ التعاويذي أَولهَا
(لولاك يَا خير من يمشي على قدم ... خَابَ الرَّجَاء وَمَاتَتْ سنة الْكَرم)
مِنْهَا)
(بنيت دَارا قضى بالسعد طالعها ... قَامَت لهيبتها الدُّنْيَا على قدم)
فَغَيره وَقَالَ بنيت قصراً وَكَانَ ينظم الشَّاهِد شعرًا على الْفَوْر إِذا احْتَاجَ إِلَيْهِ وينشده تأييداً لما قَالَه وادعاه من ذَلِك مَا أَخْبرنِي بِهِ قَاضِي الْقُضَاة الْعَلامَة تَقِيّ الدّين أَبُو الْحسن السُّبْكِيّ عَمَّن أخبرهُ قَالَ ادّعى يَوْمًا فِي الطَّائِفَة المنسوبة إِلَى ابْن كرام أَنهم الكرامية بتَخْفِيف الرَّاء فَقَالَ الْحَاضِرُونَ الْمَعْرُوف فيهم تَشْدِيد الرَّاء فَقَالَ لَا التَّخْفِيف وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَول الشَّاعِر