أَن تساقطت وفاضت على خدِّه وبلَّت لحيته فاستمهل الشرطة عَلَيْهِ ثمَّ أَنه صعد الإيوان وَالسُّلْطَان جَالس بِهِ وَتقدم إِلَى السُّلْطَان بِغَيْر اسْتِئْذَان وَهُوَ باكٍ فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان خيرٌ يَا صدر الدّين فَزَاد بكاؤه ونحيبه وَلم يقدر على مجاوبة السُّلْطَان فَلم يزل السُّلْطَان يرفق بِهِ وَيَقُول لَهُ خيرٌ مَا بك إِلَى أَن قدر على الْكَلَام فَقَالَ لَهُ هَذَا البكريُّ من الْعلمَاء الصلحاء وَمَا أنكر إلَاّ فِي مَوضِع الْإِنْكَار وَلكنه لم يحسن التلطف فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان إِي وَالله أَنا أعرف هَذَا مَا هَذَا إِلَّا حطبة ثمَّ انْفَتح الْكَلَام وَلم يزل الشَّيْخ صدر الدّين يرفق السُّلْطَان ويلاطفه حَتَّى قَالَ لَهُ خُذْهُ وروح فَأَخذه وَانْصَرف هَذَا كلُّه والقضاةُ حضورٌ وأمراء الدولة ملْء الإيوان مَا فيهم مَن ساعده وملا أَعَانَهُ إِلَّا أَمِير وَاحِد شَذَّ عني اسْمه
وَحدث عَنهُ من كَانَ يَصْحَبهُ فِي خلواته أَنه كَانَ إِذا فرغ مِمَّا هُوَ فِيهِ قَامَ فَتَوَضَّأ ومرغ وَجهه على التُّرَاب وَبكى حَتَّى يبل ذقنه بالدموع ويستغفر الله ويسأله التَّوْبَة حَتَّى قَالَ بَعضهم لقد رَأَيْته وَقد قَامَ من سُجُوده ولصق بجدار الدَّار كَأَنَّهُ اسطوانة ملصقة
وللشيخ صدر الدّين ابْن الْوَكِيل رَحمَه الله تَعَالَى ديوَان موشحات مِنْهَا قَوْله يُعَارض السراج المحار)
مَا أخجل قده غصون البان بَين الْوَرق إِلَّا سلب المها مَعَ الغزلان حسن الحدق قاسوا غَلطا من حَاز حسن الْبشر بالبدر يلوح فِي دياجي الشّعْر لَا كيد وَلَا كرامةٌ للقمر الْحبّ جماله مدى الْأَزْمَان مَعْنَاهُ بَقِي وازداد سنا وَخص بِالنُّقْصَانِ بدر الْأُفق الصِّحَّة والسقام فِي مقلته وَالْجنَّة والجحيم فِي وجنته من شَاهده يَقُول من دهشته هَذَا وَأَبِيك فر من رضوَان تَحت الغسق للْأَرْض يعيذه من الشَّيْطَان رب الفلق قد أَنْبَتَهُ الله نباتاً حسنا وازداد على المدى سناءً وسنا من جاد لَهُ بِرُوحِهِ مَا غبنا قد زين حسنه مَعَ الْإِحْسَان حسن الْخلق لَو رمت لحسنه شَبِيها ثَان لم يتَّفق فِي نرجس لحظه وزهر الثغر روضٌ نضرٌ قطافه بِالنّظرِ قد دبج خَدّه بنبت الشّعْر فالورد حواه ناعم الريحان بالظل سقِِي وَالْقد يمِيل مَيْلَة الأغصان للمعتنق أحيى وأموت فِي هَوَاهُ كمدا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute