للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لمناظرة السهروردي فناظروه وَظهر عَلَيْهِم بعبارته فَقَالُوا أَنَّك قلت فِي بعض مصنفاتك أَن الله قَادر على أَن يخلق نَبيا وَهَذَا مُسْتَحِيل فَقَالَ لَهُم وَمَا وَجه استحالته فَإِن الْقَادِر هُوَ الَّذِي لَا يمْتَنع عَلَيْهِ شىء فتعصبوا عَلَيْهِ فحبسه الظَّاهِر وَجَرت بِسَبَبِهِ خطوب وشناعات وَكَانَ دنى الهمة زرى الْخلقَة دنس الثِّيَاب وسخ الْبدن لَا يغسل لَهُ ثوبا وَلَا جسما وَلَا يدا من زهومة وَلَا يقص ظفرا وَلَا شعرًا وَكَانَ الْقمل يَتَنَاثَر على وَجهه وَيسْعَى على ثِيَابه وكل من رَآهُ يهرب مِنْهُ وَهَذِه الْأَشْيَاء تنافى الْحِكْمَة وَالْعقل وَالشَّرْع انْتهى وَأورد لَهُ القَاضِي شمس الدّين ابْن خلكان قصيدة حائية أَولهَا

(أبدا تحن إِلَيْكُم الْأَرْوَاح ... ووصالكم ريحانها والراح)

(وَقُلُوب أهل ودادكم تشتاقكم ... والى لذيذ لقايكم ترتاح)

(وَا رحمتا للعاشقين تحملوا ... ستر الْمحبَّة والهوى فضاح)

(بالسر إِن باحوا تُبَاح دِمَاؤُهُمْ ... وَكَذَا دِمَاء البايحين تُبَاح)

(وَإِذا هم كتموا تحدث عَنْهُم ... عِنْد الوشاة المدمع السفاح)

(وبدت شَوَاهِد للسقام عَلَيْهِم ... فِيهَا لمشكل أَمرهم أيضاح)

(خفض الْجنَاح لكم وَلَيْسَ عَلَيْكُم ... للصب فِي خفض الْجنَاح جنَاح)

(فَإلَى لقاكم نَفسه مرتاحة ... والى رضاكم طرفه طماح)

)

(عودوا بِنور الْوَصْل من غسق الجفا ... فالهجر ليل والوصال صباح)

(صافاهم فصفوا لَهُ فقلوبهم ... فِي نورها الْمشكاة والمصباح)

(وتمتعوا فالوقت طَابَ بقربهم ... راق الشَّرَاب ورقت الأقداح)

(يَا صَاح لَيْسَ على الْمُحب ملامة ... أَن لَاحَ ف أفق الْوِصَال صباح)

(لَا ذَنْب للعشاق أَن غلب الْهوى ... كتمانهم فنمى الغرام وباحوا)

(سمحوا بِأَنْفسِهِم وَمَا بخلوا بهَا ... لما دروا أَن السماح رَبَاح)

(ودعاهم داعى الحقايق دَعْوَة ... فَغَدوْا بهَا متأنسين وراحوا)

(ركبُوا على سفن الوفا فدموعهم ... بَحر وَشدَّة شوقهم ملاح)

(وَالله مَا طلبُوا الْوُقُوف بِبَابِهِ ... حَتَّى دعوا واتاهم الْمِفْتَاح)

(لَا يطربون لغير ذكر حبيبهم ... أبدا فَكل زمانهم افراح)

(حَضَرُوا وَقد غَابَتْ شَوَاهِد ذاتهم ... فتهتكوا لما رَأَوْهُ وصاحوا)

(أفناهم عَنْهُم وَقد كشفت لَهُم ... حجب البقا فتلاشت الْأَرْوَاح)

(فتشبهوا أَن لم تَكُونُوا مثلهم ... أَن التَّشَبُّه بالكرام فلاح)

(قُم يَا نديم إِلَى المدام فهاتها ... فِي كأسها قد دارت الأقداح)

<<  <  ج: ص:  >  >>