للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَربع وَتِسْعين وَمِائَة وَكَانَ رجلا من الْجند من رجالة النّوبَة على بَاب الرشيد وَكَانَ يحب علم الْعَرَبيَّة وَلَا يقدر على مجَالِس الْكسَائي إِلَّا فِي أَيَّام غير نوبَته وَكَانَ يرصد مصير الْكسَائي إِلَى الرشيد ويعرض لَهُ فِي طَرِيقَته فَإِذا أقبل تَلقاهُ وَأخذ بركابه وَمَا شاه إِلَى أَن يبلغ السّتْر وَهُوَ يسْأَله عَن الْمَسْأَلَة بعد الْمَسْأَلَة وَكَذَلِكَ يفعل بِهِ إِذا خرج من السّتْر إِلَى أَن يركب وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن تمكن فَلَمَّا أصَاب الْكسَائي الوضح فِي بدنه وَوَجهه كره الرشيد ملازمته لأولاده فَأمره بِأَن يرتاد لَهُم من يَنُوب عَنهُ وَكَانَ الْكسَائي قد بلغه قدوم سِيبَوَيْهٍ والأخفش فَقَالَ للأحمر هَل فِيك خير قَالَ نعم فاستخلفه على أَوْلَاد الرشيد فَقَالَ لَهُ لعَلي لَا أَفِي بِمَا يطْلبُونَ فَقَالَ إِنَّمَا يُرِيدُونَ فِي كل يَوْم مَسْأَلَتَيْنِ فِي النَّحْو وبيتين من مَعَاني الشّعْر وأحرفا من اللُّغَة وَأَنا ألقنك كل يَوْم ذَلِك قبل أَن تأتيهم فَقَالَ نعم فَدخل بِهِ إِلَيْهِم وأجلسوه فِي بَيت وفرشوه لَهُ وَكَانَت الْعَادة جَارِيَة بِأَنَّهُ إِذا دخل معلم لأَوْلَاد الْخُلَفَاء يحمل بعد قِيَامه كل مَا فِي ذَلِك الْبَيْت الَّذِي جلس فِيهِ إِلَيْهِ فَحمل ذَلِك إِلَى الْأَحْمَر وشريت لَهُ دَار وَجَارِيَة وَحمل على مركوب ووهب لَهُ غُلَام ورتب لَهُ جَارِيا يَكْفِيهِ وَكَانَ الْكسَائي يَأْتِيهم فِي الشَّهْر مرّة أَو مرَّتَيْنِ فيعرضون عَلَيْهِ بِحَضْرَة الرشيد مَا أقرأهم الْأَحْمَر وَكَانَ بَينه وَبَين الْفراء تبَاعد وجفاء فحج الْأَحْمَر فَمَاتَ فِي طَرِيق الْحَج فَلَمَّا بلغ الْفراء ذَلِك اسْترْجع وترحم عَلَيْهِ وَقَالَ أما وَالله لقد عَلمته شَيخا ذكيا عَالما ذَا مُرُوءَة وَمن شعر الْأَحْمَر // (من المقارب) //

(وفتيان صدق دعوا للندى ... وفاض السرُور بِأَرْض الطَّرب)

وَهِي أَرْبَعَة أَبْيَات وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد اليزيدي يهجو الْأَحْمَر وَالْكسَائِيّ // (من مجزوء الْكَامِل) //

(أفسد النَّحْو الْكسَائي ... وثنى ابْن غزاله)

(وَأرى الْأَحْمَر تَيْسًا ... فاعلفوا التيس النخاله)

وَقَالَ ثَعْلَب كَانَ الْأَحْمَر يحفظ أَرْبَعِينَ ألف بَيت شَاهدا فِي النَّحْو سوى مَا يحفظ من القصائد وَكَانَ مقدما على الْفراء فِي حَيَاة الْكسَائي وَله كتاب التصريف وَكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>