للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْهِنْدِيّ أول قدومه الْبِلَاد أما لما عَاد الشَّيْخ صفي الدّين وَأقَام بِدِمَشْق لم يقْرَأ عَلَيْهِ وَقَرَأَ على)

قَاضِي الْقُضَاة بهاء الدّين ابْن الزكي

حكى لي الشَّيْخ نجم الدّين الصَّفَدِي رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ قلت لَهُ فرطت فِي الْمنطق فَقَالَ كَانَ بِدِمَشْق أَيَّام طلبي لَهُ شخص يعرف بالأفشنجي وكت قد تميزت ودرستأو قَالَ وأفتيت فَكنت أتردد إِلَيْهِ على كره مني وَالْعلم فِي نَفسه صَعب وَعبارَة الأفشنجي فِيهَا عجمة فَإِذا أردْت مِنْهُ زِيَادَة بَيَان أَو قلت لَهُ مَا ظهر قَالَ جَاءَ وأدار وَجهه عني فأنفت من تِلْكَ الْحَالة وَبَطلَت الِاشْتِغَال أَو كَمَا قَالَ قلت أغناه ذهنه الثاقب وفكره الصائب على أَنه كَانَ يعرف مِنْهُ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي أصُول الْفِقْه من معرفَة التَّصَوُّر والتصديق وَدلَالَة الْمُطَابقَة وَدلَالَة التضمن وَدلَالَة الِالْتِزَام وَالضَّرْب من الشكل المنتج والكاذب ومواد الْبُرْهَان والمقدم والتالي وَقِيَاس الْخلف وَغير ذَلِك مِمَّا يدْخل فِي الأصولين معرفَة جَيِّدَة يتسلط بهَا على بَاقِي الْفَنّ أما أَنه كَانَ يطْلب مِنْهُ أَن يشغل فِي مختلطات كشف الْأَسْرَار للخونجي فَلَا وَحفظ التَّنْبِيه فِيمَا أَظن والمنتخب فِي أصُول الْفِقْه والمحصل فِي أصُول الدّين وَغير ذَلِك

وَأما الْخط وَحسن وَضعه

(فَلَا تسْأَل عَن الرَّوْض النَّضِير ... وَلَا عَن طلعة الْقَمَر الْمُنِير)

فَإِنَّهُ كتب على الشَّيْخ نجم الدّين ابْن البصيص أحسن مِنْهُ وَمن بدر الدّين حسن ابْن الْمُحدث وخطه وَهُوَ أحسن وَقيل لي أَنه كَانَ يكْتب الْكُوفِي طبقَة

وَكَانَ شكله حسنا ومنظره رائعاً وتجمله فِي بزته وهيئته غَايَة وشيبته منورة بِنور الْإِسْلَام يكَاد الْورْد يلقط من وجنتيه وعقيدته صَحِيحَة متمكنة أشعرية وفضائله عديدة وفواضله ربوعها مشيدة فَإِنَّهُ كَانَ كريم النَّفس عالي الهمة حشمته وافرة وَعبارَته حلوة فصيحة ممتعة من رَآهُ أحبه قريب من الْقلب خَفِيف على النَّفس

صنف أَشْيَاء مِنْهَا ورساله فِي الرَّد عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَة الزِّيَارَة ورسالة سَمَّاهَا رَابِع أَرْبَعَة نظماً ونثراً وَشرح قِطْعَة جَيِّدَة من الْمِنْهَاج

وَتخرج بِهِ الْأَصْحَاب وانتفع بِهِ الطّلبَة ودرس بالشامية البرانية والظاهرية والرواحية وَولي نظر ديوَان الأفرم وَنظر الخزانة ووكالة بَيت المَال وَكتب فِي ديوَان الْإِنْشَاء مُدَّة وَوَقع فِي الدست فِيمَا أَظن وَله الْإِنْشَاء الْجيد ونثره خير من نظمه وَله التواقيع المليحة والإنشاءات الجيدة)

وَنقل إِلَى قَضَاء الْقُضَاة بحلب ومدارسها فَأَقَامَ بهَا مُدَّة أَكثر من سنتَيْن وَاشْتَغلُوا عَلَيْهِ بهَا وَمَا رأى النَّاس بعد دروسه فِي دمشق مثلهَا ثمَّ إِن السُّلْطَان طلبه من حلب ليوليه قَضَاء دمشق لما نقل قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين الْقزْوِينِي إِلَى قَضَاء الديار المصرية ففرح النَّاس بذلك فَمَرض فِي الطَّرِيق وأدركه الْأَجَل فِي بلبيس فِي سادس عشر شهر رَمَضَان سنة سبع وَعشْرين وَسبع مائَة فَحَمله وَلَده تَقِيّ الدّين عبد الرَّحْمَن إِلَى الْقَاهِرَة وَدَفنه بالقرافة عِنْد الشَّافِعِي وَله سِتُّونَ سنة قيل أَنه سمّ فِي الطَّرِيق وَعند الله تَجْتَمِع الْخُصُوم

<<  <  ج: ص:  >  >>