للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاق: معنى قول ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما-، إِذَا كانَ في السَّماءِ قترةٌ أو غَيَايَة (١) أصبح صائمًا (٢)؟

قال: إنما ذلك مِنْ فعلِ ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما-، لما رأى أنَّ الشهرَ يكونُ تسعًا وعشرين، وَرَوى هو عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنهُ قال: "إنْ غم عليكم فاقْدروا لَهُ" (٣) ولمْ يَرْوِ: "فأكملوا العدةَ ثلاثين" كما روى ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- (٤) وغير عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقال ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- أنَّ أحسنَ ما يقدر له أن ينظرَ، فإنْ مضى تسع وعشرون فنظرت فلمْ ترَ الهلالَ وهي مصحية أنْ تصبحَ مفطرًا إِذَا لمْ ترَهُ، وإنْ كانتْ متغيمة أصبحتَ صَائمًا؛ لما رَوى هو عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فاقدروا له" فقال: يمكنُ أنْ يكونَ الشهرُ تسعًا وعشرين، فأخذَ بالثقةِ، ولا نَرى ذلك لما صحَّ عنِ النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم ما لمْ يتم الشهر ثلاثين يومًا أنْ لا تصومَ أبدًا فتكون قَدْ تقدمت الهلال بصومٍ، ولكن تصبح مفطرًا وتتلوم بالأكلِ ضحوة إِذَا كان غيمًا فلعل أحدًا خارج المصر قَدْ رآه فيشهد، وإنْ لمْ يكنْ ذلك أفطر، فأمَّا إِذَا كانت مصحية بادر بالأكلِ من غدوة.

"مسائل الكوسج" (٦٩٢).


(١) غياية: كل ما أظلك فوق رأسك من غبار وسحاب وغيره.
(٢) رواه أبو داود (٢٣٢٠)، والبيهقي ٤/ ٢٠٤، وأبو نعيم في "المستخرج" (٢٤١٥).
(٣) رواه الإمام أحمد ٢/ ٥ البخاري (١٩٠٦)، ومسلم (١٠٨٠)، من حديثه.
(٤) رواه الإمام أحمد ١/ ٢٢٦، والترمذي (٦٨٨)، والنسائي ٤/ ١٣٦، والدارمي (١٧٢٥، ١٧٢٨)، وأبو يعلى (٢٣٥٥)، وابن خزيمة (١٩١٢)، وابن حبان (٣٥٩٠)، والطبراني (١١٧٥٦)، والحاكم ١/ ٤٢٤ - ٤٢٥ من حديث ابن عباس، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم والألباني انظر: "صحيح الجامع" (٣٨١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>