قال إسحاق بن منصور: قال إسحاق: أما الميزاب الذي كان مصبه في دارِ رجل، وإن الرجل بنى بناء منع ذَلِكَ الميزاب من المصب، فإن كان يعلم أن ذَلِكَ ملك لرب الميزاب من ذَلِكَ الموضع فله أن يمنعه من البناء لموضع مصبه، وإن لم يكن ذَلِكَ على قدر المعاينة فأراد الباني أن يكونَ مصبه على سطح آخر، ولا يكون على صاحب الميزاب ضرر فإن ذَلِكَ له، إنما عليه أن لا يمنعه مَصَبَّ ماءِ ذَلِكَ الميزاب كالمجرى يكون في دارِ قوم وأرضهم، فأراد صاحب الملك أن يحول مسيل مائه ناحية من أرضه أو داره، ولا ضرر على صاحب المسيل، فله ذَلِكَ، وكذلك قضى عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- في ذَلِكَ، ولا ضرر في الإسلام.
وأخطأ هؤلاء حيث فرقوا بين المسيل والمجرى فقالوا: إذا كان مسيلٌ فلرب الأرض تحويله؛ لأن عليه مرور الماء لأرضه، وإذا كان المجرى فليس له التحويل ولا التحريك من موضعه؛ لأن الذي له المجرى ملك الرقبة، إلَّا أنَّهم قالوا: إذا أقر الرجل أن له مجرى في أرضي أو داري، فقد أقر بالرقبة، وإذا أقر أن له المسيل في داري، لم يكن ذَلِكَ منه إقرارًا بالرقبة، ففصلوا بين القولين بغير سنة، ولا قياس عليها، ولم يفكروا أن صيروا هذين القولين بغير العربية كيف يتكلم عليها أنها كلمة واحدة مذهبهما واحد، أو أن يحتمل الشيء أسامي كثيرة، فلذلك قُلْتُ: لو تفكروا في غير العربية لعلموا أنه اسم واحد وأن الفعلين مختلفان.