قال أبو الطيب: قال لي أبو القاسم البغوي: قال لي أحْمَد بن حنبل: خرجت أشيع الحاج إلى أن صرت في ظهر القادسية، فوقع في نفسي شهوة الحج. ففكرت، فقُلْتُ: بماذا أحج، وليس معي إلا خمسة دراهم -أو قيمة ثيابي خمسة، شك الراوي- فإذا أنا برجل قد عارضني، وقال: يا أبا عبد اللَّه: اسم كبير ونية ضعيفة، عارضك كذا وكذا.
فقُلْتُ: كان ذاك. فقال: تعزم على صحبتي؟ فقُلْتُ: نعم. فأخذ بيدي، وعارضنا القافلة، فسرنا بسيرها إلى وقت الرواح -وهو بين العشاء والعتمة- ونزلنا، فقال: تعزم على الإفطار؟ فقُلْتُ: ما آبى ذلك.
فقال لي: قم فأبصر أي شيء هناك فجئ به؟ فأصبت طبقا فيه خبز حار وبقل وقصعة فيها عراق تفور، وزقًّا فيه ماء، فجئت به وهو قائم يصلي فأوجز في صلاته، فقال: يا أبا عبد اللَّه، كل.
فقُلْتُ: فأنت؟ فقال: كل، ودعني أنا. فأكلت وعزمت على أن أدخر منه.
فقال لي: يا أبا عبد اللَّه، إنه طعام لا يدخر.
فكان هذا سبيلي معه كذلك، فقضينا حجنا. وكان قوتي مثل ذلك، حتى وافينا إلى الموضع الذي أخذني منه، فودعني وانصرف، فقال أبو الطيب للبغوي: أتعرف الرجل؟ فقال: أظنه الخضر عليه السلام.
"مسائل البغوي"(١٠٥).
قال في رواية حنبل: وليس على الرجل الحج إلا أن يجد الزاد والراحلة.