للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي ذَلِكَ دليل أنهم ليسوا بمالكينَ للأرضِ، وإنما أقرهم فيها عُمر -رضي اللَّه عنه- ليعمَلوا فيها وَيعْمُروها، فما أخرجَ اللَّهُ منها من شيءٍ أخذوا منه ما يقيمهم وردوا سائر ذَلِكَ على المسلمين، وما يبين ذَلِكَ قوله لعثمان ابن حُنيف: واللَّهِ لئن وضعت على كلِّ جريبٍ دِرهمًا وقفيزًا لا يُجهدهم ولا يضر بهم. قال: فكانت ثمانية وأربعين فَجَعَلَها خمسين (١).

قُلْتُ: ما هذا؟

قال: عَلى رِقابهم، وأخَذَ مِنَ الغنيِّ ثمانيةً وأربعين، ومِنَ الوسطِ أربعةً وعشرين، ومِنَ الفقيرِ اثني عشر. ومما يُبين أنهم لَيسوا بمالكين للأرضِ أنَّ عثمان -رضي اللَّه عنه- أَقْطَع في السَّواد، فأقْطَعَ سعدًا وابنَ مسعود وخبابًا والزبيرَ وأُسامةَ -رضي اللَّه عنهم- فأَقْطَعهم فيها (٢)، فلو كانوا مالِكين ما أقطَعَ فيها، فرأى عمرُ -رضي اللَّه عنه- أنْ يَدَعَها للمسلمين، ورأى عثمان -رضي اللَّه عنه- لمنزلة هؤلاء مِنَ الإسلامِ وما كانوا فيه؛ أن يُقطعَهم فيها. قال: فالأرضُ التي يملكها ربها ليسَ عليه فيها خَراج، وإنما عَليه فيها الصَّدقة وهو العُشر من كل خمسةِ أوسق، يعني: مثل هذِه القطائع التي اقتطَعَها عثمان -رضي اللَّه عنه- لهؤلاء. قال: والسَّواد على الرَّقبة: الخراج قبل جزية الرءوس، ومما يُبين ذَلِكَ أنه مسحَ العامرَ والغامرَ؛ لأن الغامر ليست بمعمورةٍ؛ فقد أَوْجَبَ عليها الخراجَ، فمِنْ ثمَّ يجبُ على الأرضِ الخَراجُ والعُشرُ وهو الذي قال عمرُ بن عبدِ العزيزِ أنَّ العُشرَ في الحبِّ، والخراجُ على الأرضِ (٣).


(١) رواه ابن الجعد (١٤٨).
(٢) رواه عبد الرزاق ٨/ ٩٩ (١٤٤٧٠)، وابن أبي شيبة ٦/ ٤٧٦ (٣٣٠١٧ - ٣٣٠١٨)، والبيهقي ٦/ ١٤٥.
(٣) رواه ابن أبي شيبة ٢/ ٤١٩ (١٠٦٠٤ - ١٠٦٠٥)، والبيهقي ٤/ ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>