للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت لأبي عبد اللَّه: هؤلاء كانوا قد مرقوا من الإسلام؟

قال: نعم.

قلت لأبي عبد اللَّه: إن رجلًا قال: لو ناظروا بشرًا في مشيته تحت الطاقات أيش ترى كان يقول؟

قال أبو عبد اللَّه: لو تكلم بشر في مثل هذا لم يكن ينبغي أن يترل ببغداد.

وذكر لأبي عبد اللَّه: حديث أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَوْ أَنَّ النَّاسَ اعْتَزَلُوهُمْ؟ " (١).

قال: هو حديث رديء -أراه قال- هؤلاء المعتزلة يحتجون به يعني: في ترك حضور الجمعة (٢).

وقال أبو عبد اللَّه -قبل موته بشيء يسير-: قد دخلت إلى داخل المسجد، وصليت على الحصير.


(١) رواه الإمام أحمد ٢/ ٣٠١، والبخاري (٣٦٠٤)، ومسلم (٢٩١٧)، من طريق أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يُهْلِكُ النَّاسَ هذا الحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ" قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: "لَوْ أَنَّ النَّاسَ اعْتَزَلُوهُمْ". وقال الحافظ في "الفتح" (١٣/ ١٠): أما قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَوْ أَنَّ النَّاسَ اعْتَزَلُوهُمْ" فمحذوف الجواب، وتقديره: لكان أولى، والمراد باعتزالهم: أن لا يداخلوهم ولا يقاتلوا معهم، ويفروا بدينهم من الفتن، ويحتمل أن يكون "لو" للتمني؛ فلا يحتاج إلى تقدير جواب.
(٢) قال عبد اللَّه بن أحمد (٢/ ٣٠١): قال أبي في مرضه الذي مات فيه: اضرب على هذا الحديث؛ فإنه خلاف الأحاديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، يعني قوله: "اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَاصْبِرُوا". فعلق على ذلك أحمد شاكر رحمهُ اللَّه ١٥/ ١٦٢ بقوله: لعله كان احتياطا منه رحمه اللَّه، خشية أن يظن أن اعتزالهم يعني الخروج عليهم، وفي الخروج فساد كبير، بما يتبعه من تفريق الكلمة، وما فيه من شق عصا الطاعة، ولكن الواقع أن المراد بالاعتزال أن يحتاط الإنسان لدينه، فلا يدخل معهم مداخل الفساد، ويربأ بدينه من الفتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>