للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمَّا الأرضُ التي هي منسوبةٌ إلى قريةٍ مما قَدْ وُضِعَ عَليها الخراجُ، فَلَا موات فيها؛ لوضع الخراج عليها، ولكن الإِمام إنْ رَأى أنْ يدفَعَهَا إِلَى مَنْ شاءَ حتَّى يحييها فَلَهُ ذَلِكَ بعدَ أنْ يكونَ ذَلِكَ نظرًا لأهلِ القريةِ؛ لأنها لَوْ تعطلتْ يومًا حتَّى لا يقدروا عَلَى احْتمالِ خَراجِهَا كَانَ على الإِمامِ التخفيفُ عنهم، فَكَذلِكَ لَهُ أنْ يبيحَ ما وصفنا حتَّى تحيا، ويضع عَلَيها قَدْرَ طَاقتها، وقدر مَا يعرفُ مِنَ المؤنةِ التي تلزم في إِحْيائِهَا عُشْرًا كان أو غيره؛ لأنَّ كلَّ شيءٍ يوظفه عَلَيها كَانَ عليه إِسْقَاطه عنْ جملةِ خَراجِ أهلِ القريةِ، فَلذَلِكَ جعل النظر عَلَى معنى الحيطةِ لَهم، وجَهِلَ هؤلاء حيثُ قَالُوا: لا تحيا الموات إلَّا بإذنِ الإِمامِ، وإنْ كانَ مِنْ أرضِ العربِ، وهذِه زلةٌ عظيمةٌ؛ لأنهُ خلاف قولِ الرسولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، إنما تحتاجُ إِلَى إذنِ السُّلطانِ في هذِه الأشياء التي وَصَفْنَا مما قَدْ وضع عَلَيها الخراج فلا يكون فِيهَا موات، وإذنُ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ أَتى عَلَى إِذْنِ السلطان وغيرهِ في المواتِ، لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عاديُّ الأرضِ للَّه عز وجل ورسولِهِ ثمَّ لكم" فهوَ مباحٌ لمنْ أحْياهَا إلَّا أنْ يكونَ غيرَ مسلمٍ فإنَّ مَنْ أحيا الموات مِنْ غيرِ أهلِ الإِسلامِ خِفْتُ ألا يكونَ لَهُ ذَلِكَ لقولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "للهِ ولرسولهِ ثمَّ لكمْ". فَمنْ أَحيا مِنْ موتان الأرضِ شيئًا سِوى أهلِ الإِسلامِ لمْ يكنْ بدٌّ للسلطانِ مِنْ أنْ يضعَ عَلَيها ما يَرى مِنَ الخراجِ؛ لأنَّهم لا يكونون كالمسلمين، فيُوضَع عليهم العُشْرُ كما يُوضَعُ عَلَى مسلمٍ يحيي مواتا مِنَ الأرضِ، فإنَّ المسلم إِذَا زَالَ عنه الخراجَ لزمه العشرُ، وغيرُ المسلمين إنما أُلْزِمُوا الخراج في أَرَضِيهم وعلى رءوسهم، ولا بدَّ مِنْ أنْ يُوضَعَ عَلَى ما يحيون مِنَ الأرضِ الخراجُ، فيكون الإِمامُ قَدْ أخَذَ مِنَ الأرضِ المستحدثةِ خراجًا، وإِنما عليها العشر، وإنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>