قال عبد اللَّه: سألت أبي عن رجل له ابنتان وأخ وامرأة دعا قومًا وهو مريض، وأشهدهم أن هذِه الأرض التي حدها كذا وكذا قد جعل لابنته فلانة، فقال له الشهود: كيف تُشهد لهذِه والأخرى لم تُشهد لها بشيء؟
فقال: إني كنت أعطيتها متاعًا مثل هذِه الأرض، والشهود لا يعلمون ما قال، صار من حضر الشهادة إلى ابنته التي لم يشهد لها بشيء، فأخبرها بقول أبيها وبما قال، فقالت: لم يصدق، لم يعطني شيئًا، لا أجعله في حل؛ فإنه يريد أن يحرمني ماله ويزويه عني، ولا أجعل الشهود في حل من الدخول في شهادته؟
فقال أبي: لا تجوز وصية لوارث، وكل ما جعله في مرضه لوارث، فإنما هو بمنزلة الوصية ولو كان في صحة منه، ثم فضل بعض ولده على بعض لأمرته أن ترده حتى يسوي بينهم على حديث النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: أن النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"هذا جَوْرٌ"(١).
قال عبد اللَّه: قلت لأبي إن هذا الرجل دعا زوج ابنته التي أشهد لها الأرض فقال: أحضرني شهودًا أشهدهم لك، فأقطعه أرضًا أخرى، فأشهد له ليكون بذلك مصروفًا على ابنته التي كان جعل لها. أيطيب لهذا -زوج ابنته- أن يأكل من هذِه الأرض، وإنما أراد بذلك امرأته، أم لا يطيب له؟
فقال أبي: ما أشهد به في مرضه لزوج ابنته يكون ذلك في ثلثه إذا مات في مرضه ذلك، وهذا ليس بوارث -يعني: زوج ابنته- وقال: كل ما أعطى الرجل بنتًا له دون الأخرى -وذلك في مرضه- فإنه لا يجوز لها ما أعطاها.
"مسائل عبد اللَّه"(١٤٠٠)
(١) رواه الإمام أحمد ٤/ ٢٦٨، والبخاري (٢٥٨٦)، ومسلم (١٦٢٣).