فيه إشراف فله أن يرد لا يلزمه أن يأخذ وإن أخذه، فهو جائز ولو سأل، لم يكن له أن يأخذ وضاق عليه ذلك بالمسألة؛ لذا لم تحل له.
"التمهيد" ١٦/ ٤٦٦
وقال محمد بن يحيى الكحال للإمام أحمد: الرجل يأتيه الشيء من غير مسألة ولا استشراف، أيما أفضل: يأخذه أو يرده؟
قال: إذا لم يكن استشراف أخاف أن يُضيق عليه ردُّه.
وكذا نقل المروذي ومحمد بن حبيب ويوسف بن موسى، ونقل عنه ابن مشيش: أخاف إذا جاءه فجأة أن يحرج.
وترجم الخلال أن القبول مباح من غير استشراف. وعن أحمد أنه ردَّ ذلك، وقال: دعنا نكون أعزاء.
وأمر أحمد في رواية بشر بن موسى بالأخذ، وقال للسائل: أرجو أن يطيب لك.
ونقل المروذي أن أحمد جاءته هدية، ثوب من خراسان، فلما كان من الغد قال للمروذي: اذهب رُدَّهُ.
قال: فقلت له: أي شيء تكون الحجة في رده؟ أو كيف يجوز أن يُرد مثل هذا؟
قال: ليس أعلم فيه شيئًا، إلا أن الرجل إذا تَعَوَّدَ لم يصبر عنه.
واتجر محمد بن سليمان السرخسي بدراهم جعل ربحها لأحمد، فربحت عشرة آلاف، فذكر ذلك لأحمد، فقال: جزاه اللَّه خيرًا، لكنا في كفاية، فردَّ عليه فقال: دعنا نكون أعزة، وأبى أن يأخذها.
فإن استشرفت نفسه إليه، فنقل الكحال عنه: إن شاء رده، وكذا نقل محمد بن يوسف: له أن يردها.