يسلكه إلا ببذرقة (١)، فترى للمبذرقين فضل في هذا؟ فقال: سبحان اللَّه وأي فضل أكثر من هذا، يقوونهم ويؤمنوهم من عدوهم.
قيل له: يكون بمنزلة المجاهد؟ قال: إني لأرجو لهم ذاك إن شاء اللَّه.
وقال: وأخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني قال: سألت أبا عبد اللَّه، قلت: إن عندنا حصونًا على طرف المفازة يرابط فيها المسلمون العدو، وهم الأكراد، وهم من أهل التوحيد يصلون، ولكنهم يقطعون الطريق، فما ترى في الرباط في هذا الموضع؟ فاستحسنه، وقال: ما أحسن هذا!
قلت: إنهم من أهل القبلة، قال: وإن كانوا من أهل القبلة، أليس يرد عن المسلمين؟ قال: وسألت أحمد مرَّة أخرى، قلت: موضع رباط يقال له: بابنيذ في المفازة، يكون فيه المطوعة يبذرقون القوافل والعدو، وهم الأكراد، وهم مسلمون؟ فاستحب ذلك وحسنه، وقال: أليس يدفعون عن المسلمين. إلا أنه قال: ما لم يكن قتال.
قلت: إنهم ربما بذرقوا القوافل فوقع عليهم الأكراد، قال: إذا أرادوهم وأموالهم قاتلوهم.
قال الخلال: أخبرني عبد الكريم بن الهيثم بن زياد القطان العاقولي، أنه قال لأبي عبد اللَّه: يقاتل اللصوص؟ قال: إن كان يدفع عن نفسه.
وقال: أخبرني محمد بن علي، قال: ثنا صالح، أنه سأل أباه عن قتال
(١) البذرقة: الخفارة للقافلة، وذلك بأن يرسل معها من يحميها ممن يؤذيها، قال ابن خالويه: البذرقة ليست بعربية، وإنما هي كلمة فارسية، عربتها العرب، يقال: بعث السلطان بذرقة مع القافلة. انظر: "لسان العرب".