فأبى إلا أن لا بأسَ به دونَ الثلاثِ، إلا أن يكون الفسادُ من قبلِه.
قال إسحاق: السُّنَّةُ في طبخ العصيرِ أن يُوضع القدرُ على النار، وقد صبَّ العصيرُ فيه فيغلى عليه، ثم يُرفع من النار فتُرفع رغوتُه، وما رَمى من الترابِ وغيره، فإذا ألقى ذَلِكَ فقد صَفا العصيرُ حينئذٍ؛ لما ذهب منه ما اختلط به من الترابِ وشبهِهِ، فيأخذُ مقداره حينئذ حتى يعرف ذهابُ الثلثين، ويبقى الثلث الحلال، لا بد من طبخه على هذا المثال؛ لأنه لو صُبَّ العصير فيه أولًا وأخذ المقدارُ، فذهب الثلثان منه لا يكون ما ذهب قدر ثلثي العصيرِ؛ لما أختلطَ به من الغبارِ، وما فيه من الدُّرْدِيِّ وشبهه؛ فلذلك لا بد من غَليانه حتى يرمي ما اختلط مما وصفنا به، ثم يؤخذ المقدار، وكل ما صنع من العصيرِ الفراتج، وما أشبهه في الثلثِ قبل أن يغلى فلا بأس به، هو مباحٌ للخلق، فإذا مضى الثلثُ ولم يُغلِ لم ينتفع به أصلًا؛ لما قال ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: يأخذه شيطانه في ثلاث.
"مسائل الكوسج"(٢٨٧٦).
قال صالح: وكتب المتوكل إلى إسحاق يأمره أن يسأل عن المطبوخ؟
فوجه إليه إسحاق، فكتب إليه: إنما جاء في الحديث: ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه (١).
"السيرة" لصالح ص ٨٥
(١) رواه عبد الرزاق ٩/ ٢٥٥ (١٧١٢١)، وابن أبي شيبة ٥/ ٨٩ (٢٣٩٧٨)، والنسائي في "الكبرى" ٣/ ٢٤٠ (٥٢٢٤)، والبيهقي ٨/ ٣٠٠ بنحوه من حديث عمر بن الخطاب.