للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال إسحاق: وأمَّا الخراجُ والعشر فيجتمعانِ، فإنَّ السُّنَّةَ مضَتْ من رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- والخلفاء بعده أنَّ العشرَ فرض مِن فرائضِ اللَّه في البُر والشعير والتمر والزبيب، كما قال اللَّه تبارك وتعالى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: ٢٦٧] يعني: الحبوب والثمار، واختلفوا فيما سوى الأصناف الأربعة من الحبوبِ

فرأى طائفة مِن أهلِ العراقِ ومَنْ سلكَ طريقَهم مِن أهلِ الأمصارِ أن لا زكاة في شيءٍ مِنَ الحبوبِ إلَّا في الأصنافِ الأربعة؛ لما تأولوا حديثَ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، حيث أخذ من الأصناف الأربعة، منهم: الثوري، وابن المبارك، ومَنْ سَلكَ طريقَهما.

ورأى عامةُ علماءِ أهلِ الحجاز، ومَنِ اتبعهم مِن علماءِ أهلِ الشامِ وأهل العراق أنَّ كلَّ حب يدخر أو تصير تلك الحبوب أُطْعِمَات أهل مصر من الأمصار فإنَّه مثلُ الأصناف الأربعة، هذا الذي يُعتمد عليه؛ لما قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس في أقل من خمسة أوسق من حب صدقة" (١) فكل ما وقع عليه اسمُ الحب، وهو مما يبقى في أيدي الناس مما يصير في بعض الأزمنة عند الضرورة طعامًا لقوم، فهو حب يُؤخذُ منه العشر إذا بلغَ خمسةَ أوسق، فكل ما أخرجت الأَرَضون شيئًا من الحبوب التي وصفنا كانت أرض خراج أو عشر، فإن العُشرَ فرضٌ عليه لا يسقط الخراجُ العشرَ الذي فرض اللَّه. قال اللَّه: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: ٢٦٧] فسَّرَه أهلُ العلمِ أنه الحب والثمار، فصار العشر فرضًا مفروضًا في الكتابِ الناطقِ والسُّنَّة


(١) رواه الإمام أحمد ٣/ ٥٩، ومسلم (٩٧٩)، من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>