الماضية، فكيف يسقطُ الخراجُ الذي وضعه أهلُ العلمِ مِن أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- عَامِرها وغامرها زرعت أم لم تزرع العشرَ الذي فرضَهُ اللَّه في الحبوبِ التي أخرجتها الأرض؟ وقد قيل ذَلِكَ لعمرَ بنِ عبدِ العزيز حيث رأى أن يأخذ العشر أنها أرض خراج. قال: الخراجُ على الأرضِ، والعشر على الحبّ (١).
فقال إسحاق: وأمَّا الرجلُ الذي يملك الدارَ وقيمتها عشرة آلاف درهم ولا شيء له سواها أيأخذ من الزكاة؟ فإنَّ السنةَ قد مضَتْ بأنَّ صاحب المسكن والخادم ومَن لم يكنْ له شيءٌ احتاج إلى ذَلِكَ الشيء -يعني: من لباس وأثاث البيت وما أشبهه- فإذا كانتِ الدار مسكنه وفيها سعة وما يبلغ فوق مسكنه قيمة خمسين درهمًا أو أكثر لم يُعط من الزكاة؛ لأنَّه قادرٌ على أنْ يخرجَ الفضل من يده.
واختلفَ أهلُ العلمِ في فضل سعة الدار، فرأى ابن المبارك إذا لم يمكنه بيع فضل المسكن إلا أنْ يكونَ الطريقُ عليه ولا يقدر أن يصرف الفضل من وجه آخر فإنه يعطى لا يحتسب عليه الفضل. ورأى الأوزاعي ومَنِ اتَّبعه أن يُباعَ المسكن فإذا أخذ ثمنا اشترى مسكنًا قدر ما يسعه، ثم حينئذٍ يُعْطى إذا لم يكنْ عنده فضلٌ عن المسكن وعليه الحج إذا كان مسكنه ذا ثمن، ويكتفي بدون ذَلِكَ، وهذا الذي يُعتمدُ عليه؛ لأنَّ ما قال الأوزاعي أشبه بالسنةِ، لا يُعطى رجل مِنَ الزكاةِ وله دار قيمتها خمسة آلاف درهم أو أكثر.
"مسائل الكوسج"(٦٦٣)
(١) رواه ابن أبي شيبة ٢/ ٤١٩ (١٠٦٠٤ - ١٠٦٠٥)، والبيهقي ٤/ ١٣١.