للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمَّا مَنْ قال: ذهبت الرهان بما فيها قلَّ أو كَثُر. فنقول: إِنَّ الرهنَ قَامَ مقامَ الحقِّ لما تراضَيَا عَليه، ويحتج بأنَّ إجماعَ الناسِ عَلَى أَنْ إذا استوى الرهنُ بالحقِّ ثمَّ هَلكَ الرهنُ كَانَ بما فِيهِ، فَلمَّا اجتمعَ أهلُ العلمِ عَلَى هذا كَانَ القياسُ عَلَى الإِجماعِ أن يكون نَقَصَ أو زَادَ لا تراجع بينهما، ولكنَّا قلَّدْنَا عليًّا (١)، وابنَ عمرَ -رضي اللَّه عنهما-، وغيرَهما حيثُ قالُوا: يَتَرادَّان الفضل.

وأمَّا الوجه الثالث: مَا قال هؤلاء الكوفيون: إِنَّ مَا زَادَ مِنَ الرهنِ عَلَى حقِّه فهوَ أمين لا رجوع للراهنِ عَلَى المرتهن، فالحجَّةُ عَلَى هؤلاء إِذَا لمْ يكنْ لهم تقليدًا محتجا أنْ يقال: إِنْ كَانَ في الفضل أمينًا، ولذلكَ لمْ يغرمه فَإنهما تشاحا في ذَلِكَ الفضل، فَقال الراهنُ: أنتَ إِنْ كنتَ في الفَضلِ أمينًا فرده عليَّ، فإِنْ لمْ يحكمْ بالردِّ فَقَدِ انتقضَ عَلَيك كَلامك؛ لما أمرَ اللَّهُ نَجدهَ بردِّ الأماناتِ إِلى أهْلِهَا، وإِنْ كَانَ مَضْمونًا في يَدِهِ الفضل فَهَلكَ غرم الفضل، وهذا أعدلُ الأقاويل إِلينا وأَصحه.

والوجهُ الرابعُ: أنْ يكونَ مَا قال هؤلاء الذين يحتجون بقول علي رضي اللَّه عنه: ما كان مِنْ حيوان رهن فهوَ بِمَا فِيهِ، ومَا كَانَ مِنْ سِوى ذَلِكَ تَرادَّا الفضل؛ لأنَّ كلَّ رهنٍ رُهن فحكمُه حكمُ الرَّهنِ.

قال إِسحاقُ بن منصور: هذا قولُ أحمد بن حنبل.


(١) رواه البيهقي ٦/ ٤٣ من طرق عن الحكم عن علي، وقال: هذا منقطع، وقد روي عن الحجاج من وجه آخر ضعيف موصولًا.
وذكره الذهبي في "المهذب في اختصار السنن" ٤/ ٢١٦٩، وقال: منقطع، وذكر بعده طريقًا آخر، وقال عنه: سنده ضعيف. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>