سمعت إبراهيم بن محمد بن عيسى يقول: سمعت أبا أحمد بن عبدوس يقول لأبي الطيب بن البغوي: لا تكن مثل أبيك هو دائم بلا أصل يبيع أصل نفسه.
قال ابن عَدِي: وافيت العراق سنة سبع وتسعين ومئتين والناس أهل العلم والمشايخ منهم مجتمعين على ضعفه زاهدين في حضور مجلسه ما رأيت في مجلسه ذلك الوقت الا دون العشرة غرباء بعد أن يسأل بنوه الغرباء مرة بعد مرة حضور مجلس أبيهم.
وكان مجانهم يقولون: في دار ابن منيع شجرة تحمل داود بن عَمْرو من كثرة ما يروي عنه وما علمت أحدا حدث، عَن عَلِيّ بن الجعد أكثر مما حدث هو وسمعه قاسم المطرز يوما يقول: حدثنا عُبَيد الله العيشي فقال: في حر أُمِّ من يكذب.
وتكلم فيه قوم ونسبوه الى الكذب فقال عبد الحميد الوراق: هو أتعس من أن يكذب.
قال: وكان بذيء اللسان يتكلم في الثقات سمعته يقول يوم مات محمد بن يحيى المروزي: أنا قد ذهب بي عمي الى أبي عُبَيد وعاصم بن علي وسمعت منهما. قلت: لكنه ما ضبط ما سمع منهما.
الى أن قال ابن عَدِي: فلما كبر وأسن ومات أصحاب الإسناد احتمله الناس واجتمعوا عليه ونفق عندهم لكن كان مجلس ابن صاعد أضعاف مجلسه.
ومما أنكر عليه حديثه عن كامل بن طلحة عن مالك بن زيد عن أسلم عن عطاء بن يسار، عَن أبي سعيد ﵁ مرفوعا: ثلاث لا يفطرن الصائم .. والصواب: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم بدل مالك.
قلت: وقد وثقه الدارقطني والخطيب، وَغيرهما.
قال الخطيب: كان ثقة ثبتا مكثرا فهما عارفا. وقال: رأيت أبا عُبَيد ولم أسمع منه وأول ما كتبت الحديث سنة ٢٢٥.
قال: وولد سنة ٢١٤.
مات البغوي ليلة الفطر سنة ٣١٧ ﵀ فله مذ مات أربع مِئَة سنة وثماني سنين وهذا الشيخ الحجار بينه وبين البغوي أربعة أنفس وهذا شئ لا نظير له في الأعصار.
قال فيه السليماني: متهم بسرقة الحديث.
قلت: الرجل ثقة مطلقا فلا عبرة بقول السليماني. انتهى.
وفي قوله: إن هذا الحديث مما أنكر على البغوي نظر فقد أورده الدارقطني في "غرائب مالك" عن دعلج بن أحمد، وَالحسن بن أحمد بن صالح قالا: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حَدَّثَنا كامل بن طلحة .. فذكره ثم قال: قال لنا دعلج: قال لنا أبو القاسم، يعني عبد الله المذكور -: أخبرني موسى بن هارون أن كاملا رجع عنه. انتهى.
وإذا رجع كامل عنه فالذي يظهر أن عبد الله أيضًا رجع عنه فلذلك لم يسمعه منه الدارقطني وهو شيخه وقد أكثر عنه فكيف ينكر عليه.
وقد سبق بيان الصواب في سند هذا الحديث في ترجمة عبد الله بن عيسى.
وقول المؤلف لا نظير له في الأعصار عجيب فقد وجدنا لذلك نظائر:
منها: أن بين ابن طبرزد وبين إسماعيل ابن عُلَيَّة أربعة أنفس وبين وفاتيهما أربع مِئَة ونيف وعشرون سنة.
والفخر علي بينه وبين أبي قلابة الرقاشي أربع مِئَة وأربع عشرة وبينهما أربعة أنفس.