اتسعت الفتوح في الهند ولم يسمع له بذكر في الرابعة، وَلا في بعدها بل تطاولت الأعمار بمرور الليالي والنهار الى عام ستمِئَة ولم ينطق بذكره رسالة، وَلا عرج على أحواله تاريخ، وَلا نقل وجوده جوال، وَلا رحال، وَلا تاجر سفار ثم شبه من يصدقه بمن يصدق بوجود المهدي صاحب السرداب. انتهى.
ما أردت ذكره من جزء كسر وثن رتن ملخصا.
وقد وجدت قصته في تذكرة الصلاح الصفدي نقلا من تذكرة علاء الدين الوداعي أنبأنا غير واحد شفاها عن خليل بن أيبك الأديب قال: قرأت في تذكرة الوداعي (ح) وأخبرناه علي بن محمد بن محمد الخطيب الدمشقي قدم علينا سنة ثمان وتسعين أخبرنا مشافهة عن الأديب علاء الدين علي بن مظفر الوداعي وهو آخر من حدث عنه قال: حَدَّثَنَا جلال الدين محمد بن سليمان الكاتب بدمشق، أخبرنا القاضي نور الدين علي بن محمد بن الحسين الخراساني قدم علينا سنة إحدى وسبعمِئَة بالقاهرة.
وأنبأنا غير واحد شفاها عن الإمام العلامة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن الصائغ الحنفي قال: أخبرني القاضي معين الدين عبد المحسن بن القاضي جلال الدين عبد الله بن هشام سنة سبع وثلاثين وسبعمِئَة قال: أخبرني القاضي نور الدين قال: أخبرنا جدي الحسين بن محمد قال: كنت في زمن الصبا سافرت مع أبي وعمي وأنا ابن سبع عشرة سنة من خراسان الى الهند في تجارة فوصلنا الى ضيعة من أوائل الهند فعرج القفل نحوها فنزلوا فضج أهل القافلة فسألنا عن ذلك فقالوا: هذه ضيعة المعمر الشيخ رتن.
فرأينا بفناء الفرجة شجرة عظيمة وتحت ظلها جمع عظيم فتبادر أهل القافلة نحو الشجرة فتلقانا من تحتها فرأينا زنبيلا كبيرا معلقا في غصن من الشجرة فسألناهم عنها فقالوا: في هذا الزنبيل الشيخ رتن الذي رأى النبي ﷺ ودعى له بطول العمر ست مرات فسألناهم أن ينزلوه لنسمع منه.
فتقدم شيخ منهم الى الزنبيل فأنزله من بكرة فرأينا الشيخ في وسط القطن، وَإذا هو كالفرخ فحسر عن وجهه ووضع فمه على أذنه وقال: يا جداه هؤلاء قوم قدموا من خراسان فيهم شرفاء من أولاد النبي ﷺ وقد سألوا أن تحدثهم كيف رأيت رسول الله ﷺ وماذا قال لك؟.
فعند ذلك تنفس الشيخ وتكلم بصوت كصوت النحل بالفارسية فقال: سافرت مع أبي وأنا شاب في تجارة الى الحجاز .. فذكر قصة اجتماعه بالنبي ﷺ قبل النبوة وأن السيل حال بينه وبين الإبل التي يرعاها وأنه حمله وخاض به الى أن أوصله الى إبله.
قال: فلما قضيت أربي من مكة رجعت الى الهند وتطاولت المدة فرأيت في ليلة من الليالي القمر قد انشق نصفين فغرب نصف بالشرق ونصف بالغرب فأظلم الليل ثم عاد كل نصف الى مكانه ثم التقيا فالتأما في وسط السماء كما كانا أول مرة فسألنا الركبان فقالوا: إن نبيا بعث بمكة فسأله أهلها معجزة فأراهم انشقاق القمر.
فتجهزت في تجارة وسافرت الى مكة واجتمعت به فعرفني ولم أعرفه وبين يديه طبق رطب فقال: يا بابا ادن مني وكل المرافقة من المروءة والمفارقة من الزندقة