للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تناول كل مأكول لا تنبته الأرض شفقة على الحيوانات حتى نسب الى التبرهم وإنه يرى رأي البراهمة في إثبات الصانع وإنكار الرسل وفي شعره ما يدل على هذا المذهب وفيه ما يدل على غيره وكان لا يثبت على نحلة، وَلا يبقى على قانون واحد بل يجري مع القافية إذا حصلت كما تجيء قال: فأنشدني رئيس أبهر أبو المكارم الأسدي أنشدنا أبو العلاء لنفسه:

أقروا بالإله وأثبتوه

وقالوا: لا نبي، وَلا كتاب

ووطء بناتنا حل مباح

رويدكم فقد بطل العتاب

تمادوا في الضلال فلم يتوبوا

فمذ سمعوا صليل السيف تابوا

قال السلفي: ومما يدل على صحة عقيدته ما سمعت الخطيب حامد بن بختيار النميري سمعت القاضي أبا المهذب عبد المنعم بن أحمد السروجي سمعت أخي أبا الفتح دخلت على أبي العلاء بالمعرة في وقت خلوة بغير علم منه فسمعته ينشد شيئا ثم تأوه مرات وتلا آيات ثم صاح وبكى وطرح وجهه على الأرض ثم رفع رأسه ومسح وجهه وقال: سبحان من تكلم بهذا في القدم فصبرت ساعة ثم سلمت عليه فرد وقال: متى أتيت؟ فقلت: الساعة، فقلت: أرى في وجهك أثر غيظ فقال: لا يا أبا الفتح بل تلوت شيئا من كلام الخالق وأنشدت شيئا من كلام المخلوق فلحقني ما ترى فتحققت صحة دينه وقوة يقينه.

قال السلفي: وسمعت أبا المكارم بأبهر - وكان من أفراد الزمان ثقة مالكي المذهب - قال: لما توفي أبو العلاء اجتمع على قبره ثمانون شاعرا وختم في أسبوع واحد عند القبر مئتا ختمة.

قال السلفي: سمعت أبا زكريا التبريزي يقول: لما قرأت على أبي العلاء بالمعرة قوله:

يد بخمس مئٍ من عسجد فديت

ما بالها قطعت في ربع دينار

تناقض ما لنا الا السكوت له

وأن نعوذ بمولانا من النار

سألته عن معناه فقال: هذا مثل قول الفقهاء: عبارة لا يعقل معناها.

قال السلفي: إن كان قال هذا الشعر معتقدا معناه: فالنار مأواه وليس له في الإسلام نصيب هذا الى ما يحكى عنه في كتاب الفصول والغايات وكأنه معارضة منه للسور والآيات فقيل له: ليس هذا مثل القرآن فقال: لم تصقله المحاريب أربع مِئَة سنة.

قال السلفي: وفي الجملة كان من أهل الفضل الوافر والأدب الباهر والمعرفة بالنسب وأيام العرب قرأ القرآن بروايات وسمع الحديث بالشام على ثقات وله في التوحيد وإثبات النبوة وما يحض على الزهد شعر كثير والمشكل منه - على زعمه - له تفسير.

روى عنه أبو القاسم التنوخي وهو من أقرانه والخطيب أبو زكريا التبريزي وغالب بن عيسى الأنصاري والخليل بن عبد الجبار القزويني وأبو طاهر بن أبي الصقر وآخرون. وقال ابن الجوزي: حدثت، عَن أبي زكريا التبريزي قال: قال لي المعري مرة: ما الذي تعتقد؟ قال: فقلت: اليوم يظهر ما يخفيه، فقلت له: ما أنا الا شاك قال: وهكذا شيخك.

وقال أبو يوسف عبد السلام القزويني: اجتمعت به مرة فقال لي: لم أهج أحدا قط قال: فقلت له: صدقت الا الأنبياء فتغير وجهه.

وقال التبريزي: لما مات أنشد على قبره أربعة

<<  <  ج: ص:  >  >>