للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وثمانون شاعراً بمراثي فيه من جملتها لعلي بن همام:

إن كنت لم ترق الدماء زهادة

فلقد أرقت اليوم من جفني دما

وقال هلال بن الصابئ في تاريخه: بقي خمسا وأربعين سنة لا يأكل اللحم، وَلا البيض، وَلا اللبن ويقتصر على ما تنبت الأرض ويلبس خشن الثياب ويديم الصوم.

قال: ولقيه رجل فقال مالك لا تأكل اللحم؟ قال: أرحم الحيوان قال: فما تقول في السباع التي لا غذاء لها الا الحيوان؟ فإن كان ذلك من جهة الخالق فما أنت بأرأف منه وإن كان من جهة الطبيعة فما أنت بأحذق منها، وَلا أتقن عملا.

قلت: ومعنى هذا الكلام دار بين المعري وبين أبي نصر بن أبي عمران الإمامي وكان الداعي الى مذهب الفاطميين فراسل المعري يسأله عن سبب تركه اللحم فأجابه بما ذكر من الرأفة فرد عليه بنحو ذلك.

وقد طالعت ما دار بينهما واستفدت منه فيما يتعلق بترجمة المعري أنه ذكر عن نفسه قال: قضي علي وأنا ابن أربع لا أفرق بين البازل والربع قال: ومنيت في آخر عمري بالإقعاد وحكم الله علي بالإزهاد فصرت من العدا في جهاد. وقال في جوابه عن تركه أكل اللحم: قالوا: إن كان ربنا لا يريد الا الخير فالشر لا يخلو من أمرين: إما أن يكون علمه أولا وعلى الأول فإن كان يريده فيجب أن ينسب الفعل اليه وإن كان بغير إرادته جاز عليه ما لا يجوز على أصغر الأمراء لأنه لا يرضى أن يفعل في ولايته مالا يريد وهذه عقدة قد اجتهد المتكلمون في حلها فأعوزهم.

وقال في هذه الرسالة: إنه لما بلغ ثلاثين عاما سأل ربه أن يرزقه صوم الدهر ففعل وظن أن اقتناعه بالنبات يثبت له جميل العاقبة ثم قال: والذي حثني على ذلك أن لي في السنة نيفا وعشرين دنيارا فإذا أخذ خادمي نصفه بقي لي ما لا يفي الى أن قال: ولست أريد في رزقي زيادة، وَلا أوثر لسقمي عيادة.

ومات في ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربع مِئَة ومن شعره المؤذن بانحلاله في كتابه لزوم مالا يلزم:

قران المشتري زحلا يرجى

لإيقاظ النواظر من كراها

تقضي الناس جيلاً بعد جيل

وخلفت النجوم كما تراها

تقدم صاحب التوراة موسى

وأوقع بالخسار من اقتراها

فقال رجاله: وحي أتاه

وقال الآخرون: بل افتراها

وما حجي الى أحجار بيت

كؤوس الخمر تشرب في ذراها

إذا رجع الحكيم الى حجاه

تهاون بالشرائع وازدراها

ومنه:

وإنما حمل التوراة قارئها

كسب الفوائد لا حب التلاوات

وهل أبيحت نساء الروم عن عرض

للعرب الا بأحكام النبوات؟!

ومنه:

أتى عيسى فبطل شرع موسى

وجاء محمد بصلاة خمس

وقالوا: لا نبي بعد هذا

فضل القوم بعد غد وأمس

ومهما عشت في دنياك هذي

<<  <  ج: ص:  >  >>