للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العَزيز، عن ابن شِهاب الزُّهري، عن عُروة، عن عائِشة، وعن ابن المُسَيَّب، عن عائِشة، عن النَّبي ، أَنه كان قاعِدًا وحَولَه نَفَر مِن المُهاجِرين والأَنصار وهُم كَثير، الى أَن قال رسول الله : أَيُّها الناسُ، إِنما مَثَل أَحَدِكُم ومَثَل ماله، ومَثَل أَهله، ومَثَل عَمَله، كَرَجُل لَه إِخوة ثَلاثَة، فقال لأِخيه الذي هو مالُه حين حَضرته الوفاةُ، ونزَل به المَوتُ: ماذا عِندَك، فَقد نَزَل بي ما قَد تَرَى؟ فقال لَه أَخُوه الذي هو مالُهُ: ما عندي لَك غَنَاء، ولا عندي لَك نَفع الاَّ ما دُمت حَيًّا، فَخُذ مِنّي الآن ما أَرَدتَ، فَإِنّي إِذا فارَقتُك سَيَذهَب بي الى مَذهَب غَير مَذهَبِك، وسَيَأخُذُني غَيرُكَ، فالتَفَت النَّبي الى أَصحابه، فقال: هَذا أَخُوه الذي هو مالُهُ، فَأَي أَخ تَرَونهُ؟ قالُوا: لا نَسمَع طائِلاً يا رَسول الله، ثُم قال لأِخيه الذي هو أَهلُهُ: قَد نَزَل بي المَوتُ، وحَضرني ما قَد تَرَى، فَماذا عِندَك مِن الغَنَاءِ؟ قال: عندي أَن أُمرِّضَك وأَقُوم عَلَيك، وأُعانيك، فَإِذا مِت غَسَّلتُك وحَنَّطتُك وكَفَّنتُك، ثُم حَمَلتُك في الحامِلين، وشَيَّعتُك أَحمِلُك مَرَّةً، وأُميط أُخرَى، ثُم أَرجِع عنك، فَأُثني بِخَير عِند مَن سَأَلَني عنكَ، فقال رسول الله للَّذي هو أَهلُهُ: أَي

أَخ تَرَونهُ؟ قالُوا: لا نَسمَع طائِلاً يا رَسول الله، ثُم قال لأِخيه الذي هو عَمَلُهُ: ماذا عِندَك، وماذا لَدَيكَ؟ قال: أُشَيِّعُك الى قَبرِك، فُأُونِس وحشَتَك، وأُذهِب هَمَّك، وأُجادِل عنك، وأَقعُد في كَفَنِك، فَأَشُول بِخَطاياكَ، فقال النَّبي : أَي أَخ تَرَوا هَذا الذي هو عَمَلُهُ؟ قالُوا: خَير أَخ يا رَسول الله، قال: فالأَمر هَكَذا، قالَت عائِشة: فَقام عَبد الله بن كُرز اللَّيثي، فقال: يا رَسول الله، أَتَأذَن لي أَن أَقُول على هَذا شِعرًا؟ قال: نَعَم، قالَت عائِشة: فَما بات الاَّ لَيلَتَه تِلك حَتَّى غَدا عَبد الله بن كُرز واجتَمع المُسلمُون لما سَمِعُوا مِن تَمْثِيل رَسُول الله المَوت وما فيه، قالَت عائِشة: فَجاء ابن كُرز، فَقام على رَأس النَّبي ، فقال النَّبي : إيه ابن كُرزٍ؟ فقال ابن كُرزٍ:

فَإِنّي ومالي وأَهلي والَّذي قَدَّمَت

يَداي كَداع اليه صَحبَه ثُم قائِلِ

لأِصحابه إِذ هُم ثَلاثَة إِخوة

أَعينُوا على أَمر بي اليَوم نازِلِ

فِراق طَويل غَير ذي مَثنَويَّة

فَماذا لَدَيكُم في الذي بي غائِلِ

فقال امرُؤ منهُم: أَنا الصاحِب الذي

أُطيعُك فيما شِئت قَبل التَّزائُلِ

فَأَما إِذا جَد الفِراق فَإِنَّني

لما بَينَنا مِن خُلَّة غَير واصِلِ

أُبذَل حينَئِذ فَلا يَستَطيعُني

كَذَلك أَحيانًا صروف التَّداولِ

فَخُذ ما أَرَدت الآن مِنّي فَإِنَّني

سَيُسلَك بي مَهيل مِن مَهائِلِ

وإِن تُبقِني لا أَبَق فاستَيقِنَنَّه

تَعَجَّل صَلاحًا قَبل حَتف مُعاجِلِ

وقال امرُؤٌ: قَد كُنت جِدًّا أُحِبُّه

وأُوثِرُه مِن بَينَهُم بِالتَّفاضُلِ

غَنَائِي أَنّي جاهَد لَك ناصِح

إِذا جَد جَدُّ الكَرب غَير مُقاتِلِ

ولَكِنَّني باك عَلَيك ومُعوِل

ومُثنٍ بِخَير عند مَن هو سائِلي

<<  <  ج: ص:  >  >>