للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البلد، عَن مُحَمد بن عبدة وعن أصحابه فأغروا بهم نائب هارون بن أبي الجيش فاعتقل أبا جعفر الطحاوي بسبب اعتبار الأوقاف.

قال ابن زولاق: وسمعت أبا الحسن علي بن أبي جعفر الطحاوي يقول: سمعت أبي يقول: وذكر فضل أبي عُبَيد بن حربويه وفقهه فقال: كان يذاكرني بالمسائل فأجبته يوما في مسألة فقال لي: ما هذا قول أبي حنيفة فقلت له: أيها القاضي أو كل ما قاله أبو حنيفة أقول به؟ فقال: ما ظننتك الا مقلدا فقلت له: وهل يقلد الا عصبي؟ فقال لي: أو غبي؟ قال: فطارت هذه الكلمة بمصر حتى صارت مثلا وحفظها الناس.

قال: وكان الشهود ينفسون على أبي جعفر بالشهادة لئلا تجتمع له رياسة العلم وقبول الشهادة فلم يزل أبو عُبَيد في سنة ست وثلاث مئة حتى عدله بشهادة أبي القاسم مأمون، ومُحمد بن موسى سقلاب فقبله وقدمه وكان أكثر الشهود في تلك السنة قد حجوا وجاوروا بمكة فتم لأبي عُبَيد ما أراد من تعديله.

قال: وكان أبو جعفر الطحاوي إذا ذاكر أبا عُبَيد يقول كثيرا في كلامه: قال ابن أبي عمران قال ابن أبي عمران يعني أستاذه فلما طال هذا على أبي عُبَيد قال يا هذا كم قال ابن أبي عمران؟ قد رأيت هذا الرجل بالعراق ولم يكن بذاك إن البغاث بأرضكم تستنسر قال: فطارت هذه الكلمة وصارت بمصر مثلا. وكان لأبي عُبَيد في كل عشية مجلس لواحد من الأفاضل يذاكره وقد قسم أيام الأسبوع عليهم منها عشية لأبي جعفر فقال له في بعضها كلاما بلغه عن أمناء القاضي وحضه على محاسبتهم فقال القاضي أبو عُبَيد: كان إسماعيل بن إسحاق لا يحاسبهم فقال أبو جعفر: قد كان القاضي بكار يحاسبهم فقال القاضي أبو عُبَيد: كان إسماعيل بن إسحاق لا يحاسبهم فقال له أبو جعفر: أقول: كان القاضي بكار ويقول لي: كان إسماعيل! قد حاسب رسول الله أمناءه وذكر له قصة ابن الأتبية.

فلما بلغ ذلك الأمناء لم يزالوا حتى أوقعوا بين أبي عُبَيد، وَأبي جعفر وتغير كل منهما للآخر وكان ذلك قرب صرف أبي عُبَيد عن القضاء قال: فلما صرف أبو عُبَيد عن القضاء أرسل الذي ولي بعده الى أبي جعفر بكتاب عزله قال: فحدثني علي بن أبي جعفر قال: فجئت الى أبي فهنأته فقال لي أبي: ويحك وهذه تهنئة؟ هذه والله تعزية لمن أذاكر بعده؟ أو لمن أجالس؟.

قال ابن زولاق: وحدثني عُبَيد الله بن عبد الكريم قال: كان أبو عُبَيد في غاية المعرفة بالأحكام وكان أبو جعفر الطحاوي وجه النقد في الشروط والسجلات والشهادات فجلس بين يدي أبي عُبَيد يوما ليؤدي شهادة فأداها فلما فرغ قال له القاضي: عرفني فأعادها فقال: عرفني فقال أبو جعفر: يأذن لي القاضي في القيام الى موضع؟ فقال: قم فقام أبو جعفر يجر رداءه قد سقط بعضه ومال فأقام في ناحية ثم عاد فجثى على ركبتيه وقال: نعم أعزك الله أشهد بكذا وكذا فأخذ منه أبو عُبَيد الكتاب وعلم على شهادته. قال ابن زولاق: كان أبو زكريا يحيى بن محمد بن عمروس عاقلا وهو الذي أدب أبا جعفر الطحاوي وعلمه القرآن وكان يقال: ليس في الجامع سارية الا وقد ختم أبو زكريا عندها القرآن.

قال: ولما ولي عبد الرحمن بن إسحاق بن محمد بن معمر الجوهري القضاء بمصر كان يركب بعد أبي جعفر وينزل بعده فقيل له في ذلك فقال: هذا واجب لأنه عالمنا وقدوتنا وهو أسن مني بإحدى عشرة سنة ولو كانت إحدى عشرة ساعة لكان القضاء أقل من

<<  <  ج: ص:  >  >>