للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طبقات الشافعية: غلط الغلط الفاحش في تصرفه، وصدق أبو عمرو.

وله أوهام كثيرة تتبع بعضها الحافظ ضياء الدين، وقد بدت من ابن حبان هفوة فطعنوا فيه لها.

قال أبو إسماعيل الانصاري شيخ الإسلام: سألت يحيى بن عمار عن أبي حاتم ابن حبان، فقال: رأيته ونحن أخرجناه من سجستان، كان له علم كثير، ولم يكن له كبير دين.

قدم علينا فأنكر الحد لله فأخرجناه.

قلت: إنكاره الحد وإثباتكم للحد نوع من فضول الكلام، والسكوت عن الطرفين أولى، إذ لم يأت نص بنفى ذلك ولا إثباته، والله تعالى ليس كمثله شيء، فمن أثبته قال له خصمه: جعلت لله حدا برأيك، ولا نص معك بالحد، والمحدود مخلوق، تعالى الله عن ذلك.

وقال هو للنافى: ساويت ربك بالشئ المعدوم، إذ المعدوم لا حد له، فمن نزه الله وسكت سلم وتابع السلف.

قال أبو إسماعيل الانصاري: سمعت عبد الصمد بن محمد بن محمد يقول: سمعت أبي يقول: أنكروا على ابن حبان قوله: النبوة العلم والعمل، وحكموا عليه بالزندقة، وهجروه.

وكتب فيه الى الخليفة فأمر بقتله.

وسمعت غيره يقول: لذلك أخرج الى سمرقند.

قلت: ولقوله هذا محمل سائغ إن كان عناه، أي عماد النبوة العلم والعمل، لأن الله لم يؤت النبوة والوحى الا من اتصف بهذين النعتين، وذلك لأن النبي يصير بالوحى عالما، ويلزم من وجود العلم الالهى العمل الصالح، فصدق بهذا الاعتبار قوله: النبوة العلم اللدنى والعمل المقرب الى الله، فالنبوة إذا تفسر بوجود هذين الوصفين الكاملين، ولا سبيل الى تحصيل هذين الوصفين بكمالهما الا بالوحى الالهى [وهو] علم يقيني ما فيه ظن، وعلم غير الانبياء منه يقيني وأكثره ظنى.

ثم النبوة ملازمة للعصمة ولا عصمة لغيرهم، ولو بلغ في العلم والعمل ما بلغ.

والخبر عن الشئ يصدق ببعض أركانه وأهم مقاصده، غير أنا لا نسوغ لاحد إطلاق هذا الا بقرينة، كقوله : الحج عرفة، وإن كان عنى الحصر، أي ليس شيء الا العلم والعمل، فهذه زندقة وفلسفة.

مات سنة أربع وخمسين وثلثمائة. [ميزان الاعتدال (٤/ ٨٠)].

• محمد بن حبان أبو حاتم البستي الحافظ.

صاحب الأنواع ومؤلف كتابي الجرح والتعديل وغير ذلك كان من أئمة زمانه فطلب العلم على رأس سنة ثلاث مِئَة وأدرك أبا خليفة وأبا عبد الرحمن النسائي وكتب بالشام والحجاز ومصر والعراق والجزيرة وخراسان وولي قضاء سمرقند مدة. وكان عارفا بالطب والنجوم والكلام والفقه رأسا في معرفة الحديث وقد سمع ببخارى من عمر بن محمد بن بُجَيْرٍ وقد سكن قبل الأربعين سنوات بنيسابور وبنى الخانكاه وحدث بمصنفاته ثم رد الى وطنه.

وقال الإمام أبو عمرو بن الصلاح وذكره في طبقات الشافعية: غلط والغلط الفاحش في تصرفه، وصدق أبو عمرو، له أوهام كثيرة تتبع بعضها الحافظ ضياء الدين.

وقد بدت من ابن حبان هفوة فطعنوا فيه لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>