رأيت البصري يشرب فاتهمه. قلت: وكان الكوفي يشربه تدينا، والبصري يتركه تدينا.
قال عفان: حدنا حماد بن سلمة، قال: ما كنا نشبه شمائل ابن علية الا بشمائل يونس بن عبيد، حتى دخل فيما دخل فيه.
وقال - مرة: حتى أحدث ما أحدث.
وقال سليمان بن إسحاق الجلاب: قال إبراهيم الحربى: دخل ابن علية على الامين، فقال له: يابن كذا وكذا - يشتمه - إيش قلت؟ قال: أنا تائب الى الله، لم أعلم، أخطأت.
قال: حدث بهذا الحديث: تجئ البقرة وآل عمران يوم القيامة.
كأنهما غمامتان يحاجان عن صاحبهما.
قال: فقيل لابن علية: الهما لسان؟ قال: نعم.
فكيف تكلما؟ فقيل: إنه يقول إن القرآن مخلوق.
وإنما غلط.
قلت: انظر كيف كان الصدر الاول في انكفافهم عن الكلام، فإنه لو قال أيضا يتكلم بلا لسان فخطؤوه، والله تعالى يقول: " ولا تقف ما ليس لك به علم ".
ومن الناس من يقول: يجئ ثواب البقرة وآل عمران، وكل هذا من التكلف.
وابن علية فقد تاب، ولزم السكوت.
وقد كان منصور بن سلمة الخزاعى يحدث مرة، فسبقه لسانه، فقال: حدثنا إسماعيل بن علية، ثم قال: لا ولا كرامة، بل أردت زهيرا، ثم قال: ليس من فارق الذنب كمن لم يفارقه، وأنا والله استتبته - يعنى ابن علية.
قلت: هذا من الجرح المردود، لانه غلو.
وقال الفضل بن زياد.
سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن وهيب وابن علية.
قال: وهيب أحب الى، ما زال ابن علية وضيعا من الكلام الذى تكلم به الى أن مات.
قلت: اليس قد رجع وتاب على رءوس الناس؟ قال: بلى.
ولقد بلغني أنه.
أدخل على محمد الامين بن هارون، فلما رآه زحف اليه، وجعل يقول: يابن كذا وكذا، تتكلم في القرآن! وجعل إسماعيل يقول: جعلني الله فداك! زلة من عالم.
ثم قال أحمد: لعل الله أن يغفر له - يعنى محمد بن هارون.
وقلت: يا أبا عبد الله، إن عبد الوهاب قال: لا يحب قلبى إسماعيل أبدا، لقد رأيته في المنام كأن وجهه أسود.
فقال: عافى الله عبد الوهاب.
ثم قال: معنا.
رجل من الانصار يختلف الى ابن علية، فأدخلني على إسماعيل، فلما رأني غضب.
وقال: من أدخل هذا على؟ فلم يزل مبغضا لاهل الحديث بعد ذلك الكلام، لقد لزمته عشر سنين الا أن أغيب، ثم جعل يحول رأسه كأنه يتلهف، ثم قال: وكان لا ينصف في الحديث، يحدث بالشفاعات، ما أحسن الانصاف.
قلت: إمامة إسماعيل وثيقة لا نزاع فيها، وقد بدت منه هفوة وتاب، فكان ماذا! إنى أخاف الله، لا يكون ذكرنا له من الغيبة.