دقيق العيد، وَأبي المحاسن الختني وعبد الرحيم المنشاوي، وَأبي النون الدبوسي فأكثر عنه جدا ومن أهل عصره فبالغ وحصل من المسموعات ما يطول عده وأكثر طلبه بنفسه وبقراءته.
ثم اشتغل بالتصنيف فشرح البخاري في نحو عشرين مجلدة وكتب على السيرة النبوية وشرحها كتابا سماه "الزهر الباسم" وشرع في شرح أبي داود وفي شرح سنن ابن ماجة وذيل على ذيول الإكمال بذيل كبير في مجلدين وأكمل تهذيب الكمال للمزي في قدر حجم الأصل ثم اختصر منه ما يعترض به عليه في مجلدين ثم في مجلد لطيف الى غير ذلك من التصانيف المشهورة. وصنف "الواضح المبين في من استُشهد من المحبين" فعثر منه الشيخ صلاح الدين العلائي على كلام ذكره في أوائله فأغرى به القاضي موفق الدين الحنبلي فعزره ومنع الكتبيين من بيع ذلك الكتاب وتألم الشيخ علاء الدين مغلطاي من ذلك وشمت به جماعة من أقرانه.
وكان قد درس للمحدثين بجامع القلعة وقرأ عليه في الدرس شمس الدين السروجي الحافظ ورأيت له ردا عليه في الجزء الذي خرجه لنفسه وفيه أوهام شنيعة مع صغر حجمه وكذلك رأيت ردا عليه في هوامشه للحافظ أبي الحسين بن أيبك، وذكر شيخنا العراقي أن العلائي رد عليه أيضًا فيه.
وعمل في فن الحديث إصلاح ابن الصلاح فيه تعقبات على ابن الصلاح أكثرها غير وارد، أو ناشئ عن وهم، أو سوء فهم وقد تلقاه عنه أكثر مشايخنا أو قلدوه فيه لأنه كان انتهت اليه رئاسة الحديث في زمانه فأخذ عنه عامة من لقيناه من المشايخ كالعراقي والبلقيني والدجوي وإسماعيل الحنفي، وَغيرهم.
وفي آخر الأمر ادعى أن الفخر ابن البخاري أجاز له وصار يتتبع ما كان خرجه عنه بواسطة فيكشط الواسطة ويكتب فوق الكشط: أنبأنا، قال شيخنا العراقي: ذكرت دعواه في مولده وفي إجازة الفخر له للشيخ تقي الدين السبكي فأنكر ذلك وقال: إنه عرض عليه كفاية المتحفظ في سنة خمس عشرة وهو أمرد بغير لحية.
قال العراقي: وأقدم ما وجدت له من السماع سنة سبع عشرة بخط من يوثق به وادعى هو السماع قبل ذلك بزمان فتكلم فيه لذلك قال: وسألته عن أول سماعه؟ فقال: رحلت قبل السبع مِئَة الى الشام فقلت: هل سمعت بها شيئا؟ قال: سمعت شعرا. ثم ادعى أنه سمع على أبي الحسن بن الصواف راوي النسائي فسألته عن ذلك؟ فقال: سمعت عليه أربعين حديثا من النسائي انتقاء نور الدين الهاشمي بقراءته ثم أخرج بعد مدة جزءا منتقى من النسائي بخطه ليس عليه طبقة لا بخطه، وَلا بخط غيره فذكر أنه قرأه بنفسه سنة اثنتي عشرة على ابن الصواف، يعني سنة موته.
وقد قال في الجزء الذي خرجه لنفسه وأشرت اليه قبل: سمعت الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد يقول بدرس الكاملية سنة اثنتين وسبع مِئَة قال رسول الله ﷺ: لا تجتمع أمتي على ضلالة.
قال العراقي: فذكرت ذلك للسبكي فقال: إن الشيخ تقي الدين ضعف في أواخر سنة إحدى وسبع مِئَة وتحول الى بستان خارج باب الخرق فأقام به الى أن مات في صفر سنة اثنتين وسبع مِئَة.
قال: ثم ذكر لي مغلطاي أنه وجد له سماعا على الشيخ تقي الدين في جزء حديثي فسألته عنه فقال: