حديث عطاء، وقد سمع أبو عوانة من عطاء في الصحة وي الاختلاط جميعاً، ولا يحتج بحديثه» انتهى.
قوله: «لا يحتج بحديثه» يعني حديث أبي عوانة عنه؛ لأنه قدم أن السماع القديم منه صحيح، والصحيح محتج به، والضمير غالباً إنما ينصرف الى أقرب مذكور، وأبو عوانة هو القريب الذكر بعد التفضيل.
فقول أبي الفرج، عن يحيى: «لا يحتج به» فيه نظر؛ لما أسلفناه، ولأنا لم نرَ أحداً نقل عن يحيى مشافهة عدم الاحتجاج به مطلقاً بغير هذه الجملة، وشبهها. والله تعالى أعلم.
وقال أبو حاتم الرازي: «كان محله الصدق قديماً قبل أن يختلط، صالح، مستقيم الحديث، ثم بأخرة تغير حفظه، فخلط في حديثه تخاليط كثيرة، وحديث البصريين الذين يحدثون عنه فيه تخاليط كثيرة؛ لأنه قدم عليهم في آخر عمره، وما روى عنه ابن فضيل ففيه غلط واضطراب، رفع أشياء كان يرويه عن التابعين فرفعه الى الصحابة».
وروى له البخاري في «صحيحه» حديثاً واحداً في أول «الحوض» من حديث هشيم عنه، ومسلم في «المتابعات».
وقال ابن عدي: «اختلط في آخر عمره».
ولما ذكره أبو إسحاق السبيعي قال: «إنه لمن القدماء، وإنه لمن البقايا».
وقال أبو الحسن العجلي: «كان شيخاً ثقة قديماً، من سمع منه قديماً فهو صحيح الحديث، منهم سفيان. فأما من سمع منه بأخرة فهو مضطرب الحديث؛ منهم هشيم وخالد بن عبد الله الواسطي، الا أن عطاء بأخرة يتلقن إذا لقنوه في الحديث؛ لأنه كان غير صالح الكتاب».
وخرج الحاكم حديثه في غير موضع من «صحيحه».
ثم ناقض ذلك فذكر في «سؤالاته الكبرى» للدارقطني، من عند نفسه لا من عند الدارقطني: «عطاء بن السائب، قلت: تركوه» انتهى.
وهذا ما أدري كيف هو؛ لأمرين:
الواحد: أنه لم يتركه أحد.
الثاني: إذا كان متروكاً، كيف تقبله أنت ولم تتركه!
وخرج البستي حديثه في «صحيحه».
وقال في كتاب «الثقات»: «كان قد اختلط بأخرة، ولم يفحش حتى يستحق أن يعدل به عن مسلك العدول، بعد تقدم صحة ثباته في الروايات».
وقال ابن سعد: «كان ثقة، وقد روى عنه المتقدمون، وقد كان حفظه تغير بأخرة، واختلط في آخر عمره».
وقال ابن الجارود: «ليس بذاك؛ لتغيره في آخر عمره».
وفي موضع آخر: «لا يحتج بحديثه».
قال إسماعيل ابن علية: «هو أضعف عندي من ليث، وليث ضعيف».
وقال شعبة لابن عُلَيَّة: «إذا حدثك عن رجل واحد فهو ثقة، وإذا جمع فاتقه، فإنه كان الشيخ قد تغير».
وقال النسائي في كتاب «الجرح والتعديل»: «ثقة في حديثه القديم، الا أنه تغير، وروايت حماد بن زيد وشعبة وسفيان عنه جيدة».