لي مثله ففعل فجاء في الكتاب الثاني مناقضة للأول فعرف السلطان صحة ما قيل عنه وعزله من دار الحديث الكاملية آخرا، ثم ولَّى أخاه أبا عَمْرو عثمان.
قلت: وقيل: إنما عزله لأنه حصل له تغير ومبادئ اختلاط.
وله عدة كنى: أبو الفضل، أبو حفص، أبو علي الداني الكلبي، وكان يحمق ويتكبر ويكني نفسه ويكتب: ذو النسبتين بين دحية والحسين. فلو صدق في دعواه لكان ذلك رعونة كيف وهو متهم في انتسابه الى دحية الكلبي الجُمَيِّل صاحب رسول الله ﷺ!.
وإنما جرأه على ذلك لأنه كلبي نسبة الى موضع من ساحل دانية ويقال: الكلفي بين الفاء والباء ولهذا كان يكتب أولا الكلبي معا.
وأما انتسابه الى الحسين ﵇، فهو أنه من قبل جده لأمه فإن جده عَلِيًّا هو الملقب بالجميل تصغيرا للجمل بالعبارة المغربية وكان طويلا أعنق، فوالدة الجميل هي ابنة الشريف أبي البسام العلوي الحسيني الكوفي ثم الأندلسي. وكان والده الحسن بن علي تاجرا من أهل دانية قرأ القرآن على جده لأمه الشيخ عتيق بن محمد.
قال ابن مسدي: رأيت الحذاق من علماء المغرب لا يزيدون على ذكر جدهم فرح الا التعريف ببني الجميل، وقد كان أخوه أبو عَمْرو عثمان يلقب بالجمل ابن الجُميل. وكان أبو الخطاب علامة نزل مصر في ظل ملكها الى أن مات، وقد كان ولي قضاء دانية فأتي بزامر فأمر بثقب شدقه وتشويه خلقه وأخذ مملوكا له فجبه واستأصل أنثييه وزُبَّه، فرفع ذلك الى المنصور ملك الوقت وجاءه النذير فاختفى وخرج خائفا يترقب فعرج نحو إفريقية وشرق ثم لم يعد.
وكان قبل قد قدم تاجرا. وسمع من محمد بن عبد الرحمن الحضرمي ومن الخشوعي ولما عاد الى الأندلس حدث بمقامات الحريري، عَنِ ابن الجوزي عن المؤلف وليس بصحيح.
وسمع بالأندلس من ابن خير، وَابن بشكوال والسهيلي وجماعة ثم رأيت بخطه أنه سمع بين الستين الى السبعين وخمس مِئَة من جماعة كأبي بكر بن خير واللواتي، وَأبي الحسن بن حنين وليس ينكر عليه.
قلت: بل ينكر عليه كما قدمنا.
قال: وله تآليف تشهد بِاطِّلاعه.
قلت وفي تآليفه أشياء تنقم عليه من تصحيح وتضعيف.
ومولده سنة ٥٤٢، أو بعد ذلك.
وقال ابن نقطة: كان موصوفا بالمعرفة والفضل الا أنه كان يدعي أشياء لا حقيقة لها، وذكر أبو القاسم بن عبد السلام قال: أقام عندنا ابن دحية فكان يقول: أحفظ صحيح مسلم والترمذي قال: فأخذت خمسة أحاديث من الترمذي وخمسة من المسند وخمسة من الموضوعات فجعلتها في جزء فعرضت حديثا من الترمذي عليه فقال: ليس بصحيح وآخر فقال: لا أعرفه، ولم يعرف منها شيئا. مات أبو الخطاب في ربيع الأول سنة ٦٣٣. انتهى.
وقد تقدمت الإشارة الى أن الكامل عزله بسبب اختلاطه في ترجمة أخيه عثمان.
وفي تاريخ ابن جرير في حوادث سنة ١٢٦: فيها نَدَبَ يزيد بن الوليد لولاية العراق عبد العزيز بن هارون بن عبد الله بن دحية بن خليفة الكلبي فأبى. فهذا يدل على غلط من زعم أن دحية لم يعقب.