للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن عدي: سمعت أحمد بن علي المُطَيْرِي: - أظنُّهُ حكاه عن عبد الله بن الدَّوْرَقِي، قال: قدم يحيى بن معين حَرَّان، فطمِعَ البَابَلُتِّيُّ أن يجينَه، فَوَجَّه إليه بِصُرَّةٍ فيها ذَهَبٌ، وطعامٌ طَيِّبٌ، فقبلَ الطَّعامَ وَرَدَّ الصُّرَّة (١)، فلما رحَل سألوه عنه، فقال: والله إن صِلَته لحَسَنَةٌ، وإنَّ طعامه لطيِّبٌ، إلا أنه لم يسمع - والله - من الأَوْزَاعِي شيئًا (٢).

قال ابن عدي: وليحيى البَابَلُتِّي عن الأَوْزَاعِيِّ أحاديثُ صالحة، وفيها إفرادات، وأَثَرُ الضَّعْفِ على حديثه بَيِّن (٣).

وقال أبو بكر بن المُقْرِئ، حدَّثنا سلامة بن محمود العَسْقَلاني، حدَّثنا


= يُخالف الثِّقَات مُعْتَبر بِهِ، وَفِيمَا وَافق الثِّقَات مُحْتَجٌ بِهِ". ثم واصل موضحًا معنى كلامه المذكور، أذكره للفائدة: يقول: … وَلَا يَتَوَهَّمن متوهمٌ أَنَّ ما لم يُخَالف الْأَثْبَات هُوَ مَا وافق الثِّقَات، لأَن ما لم يُخالف الْأَثْبَات هُوَ مَا روى من الرِّوَايَات الَّتِي لها أصول من حَدِيث رَسُول الله وَإِن أَتَى بِزِيَادَة اسْم فِي الْإِسْنَادِ أَو إِسْقَاط مثله مِمَّا هُوَ مُحْتَمِل فِي الْإِسْنَادِ، وَأما ما وافق الثِّقَات فهو ما يروي عن شيخ سمع سمع مِنْهُ جَمَاعَة من الثقات، وأتى بالشَّيْء على حسب ما أَتَوا بِهِ عَن شَيْخه، وَمَا انْفَرد من الرِّوَايَات هُوَ زِيَادَة أَلْفَاظ يَرْوِيهَا عَن الثِّقَات أو إنْيَان أصل بطريق صَحِيح، فَهَذَا غير مَقْبُول مِنْهُ، لما ذكرنا من سوء حفظه وَكَثْرَة خطئه، وَأَنه لَيْسَ بِالْمحلّ الَّذِي تُقْبَلُ مَفَارِيْدُه، وَإِنَّمَا تقبل المفاريد إذا كَانَ رواتها عُدُولٌ عاقلون، يعْقِلُونَ مَا يحدثُونَ عالمون بما يحيلون من مَعَانِي الْأَخْبَارِ وألفاظها. فَأَما الثِّقة الصدوق إذا لم يكن يعلم ما يحيل من مَعَانِي الْأَخْبَارِ، وَحدث من حفظه، ثمَّ انْفَرد بِأَلْفَاظ عن الثِّقَات لم يستحق قبولهَا مِنْهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ يعقل ذَلِكَ، وَلَعَلَّه أَحَالَهُ مُتَوَهمًا أَنَّه جَائِز. فمن أجل ما ذكرنا لم نقبل الزَّيَادَة فِي الْأَخْبَارِ إِلَّا عَمَّن سمينا من العدول على الشَّرْطِ الَّذِي وَضَعْنَا. اهـ
(١) الصُّرَّة: ما يُجمع فيه الشيء ويُشَدّ، والجمع: صُرَرٌ، والصُّرَّة للدراهم. ينظر: "الصحاح" (٢/ ٧١٠ - ٧١١).
(٢) "الكامل" (٩/ ١١٩) (٢١٥١).
(٣) "الكامل" (٩/ ١٢٠) (٢١٥١).