والذي يظهر مما تقدم أن الحسن البصري ﵀ لم يكن يقول بمذهب القدرية النفاة الذين ينكرون القدر، بل كان إمامًا سلفي المعتقد والطريقة ويدل على هذا عدة أمور: ١ - ما ذكره غير واحد من أهل العلم بأن القدرية كذبوا على الحسن البصري ونسبوا له القدر ليروجوه بين العامة: • قال الأوزاعي "ميزان الاعتدال" (٤/ ١٧٨): (لم يبلغنا أن أحدًا من التابعين تكلم في القدر إلا الحسن ومكحول، فكشفنا عن ذلك فإذا هو باطل). • قال أيوب السختياني "سير أعلام النبلاء" (٤/ ٥٧٩ - ٥٨٠): "كذب على الحسن ضربان: قوم القدر رأيهم لينفقوه في الناس بالحسن، وقوم في صدورهم بغض للحسن". • قال شيخ الإسلام ابن تيمية "منهاج السنة" (٣/ ٢٤ - ٢٥): "ولهذا اُتهم بمذهب القدر غير واحد ولم يكونوا قدرية، بل كانوا لا يقبلون الاحتجاج على المعاصي بالقدر، كما قيل للإمام أحمد ﵀: كان ابن أبي ذئب قدريًّا؟ فقال: الناس كل من شدد عليهم المعاصي قالوا: هذا قدري!! وقد قيل: إنه بهذا السبب نسب إلى الحسن القدر، لكونه كان شديد الإنكار للمعاصي ناهيًا عنها". قلت: وهذا معنى قول الحسن "كانت موعظة فجعلوها ذنبًا". ٢ - ثبت عن الحسن ﵀ إثبات، القدر، وقد ذكر المؤلف بعض ما يدل على ذلك. ٣ - تحذير الحسن ﵀ من رؤوس القدرية كمعبد الجهني وواصل بن عطاء الذي اعتزل مجلس الحسن بعد ذلك. (٢) الترجمة لم ترد في (م) و (ب)، ولا في المطبوع من "تهذيب التهذيب"، ولا في "تهذيب الكمال". (٣) أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (٤/ ١٥١) برقم (٢٣١٨).