(٢) أبو مراوح الغفاري مختلف في صحبته، وقد عدّه بعض أهل العلم في الصحابة، كما الحافظ هنا، ولعدّه في الصحابة أحد سببين، الأول: لأجل أنه ولد في عهد النبي ﷺ والظاهر عدم ثبوته قال العلائي في "جامع التحصيل" (ص ٣١٥): "أبو مراوح الغفاري من كبار التابعين ذكر في كتاب الصحابة لكونه ولد في حياة النبي ﷺ، وإلا فلا رؤية، له وحديثه مرسل"، وأيضًا لم يصفه الحافظ ابن حجر في "التقريب" (ص ١٢٠٢)، رقم (٨٤١٦) بأن له رؤية، لأنه لم يولد في عهد النبي ﷺ، والسبب الثاني: الحديث الذي أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (٦/ ٣٠٢٦) من طريق أبي عتبة أحمد بن الفرج، عن ابن أبي فديك، عن ربيعة بن عثمان، عن زيد بن أسلم، أبي مراوح الليثي، هكذا قال: أن رسول الله ﷺ قال: قال الله تعالى: إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة"، الحديث إسناده شاذ، لمخالفة أحمد بن الفرج جماعة من الرواة، فإنهم جعلوا الحديث من مسند أبي واقد، قال البيهقي في "شعب الإيمان" (١٢/ ٤٩٩): أخبرنا أبو طاهر الفقيه أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال، أخبرنا أبو الأزهر، أخبرنا ابن أبي فديك، نا ربيعة بن عثمان، عن زيد بن أسلم، عن: أبي واقد الليثي، عن: أبي مراوح قال: قال رسول الله ﷺ: "قال الله ﵎: إنا أنزلنا المال" .... كذا وجدته في كتابي، والصواب عن: أبي مراوح، عن أبي واقد الليثي، ورواية هشام بن سعد أصح، وكذلك رواه عبد الله بن جعفر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن: أبي واقد، ورجح روايته أيضًا أبو حاتم الرازي، والدارقطني: فقالا: حديث هشام بن سعد أشبه بالصواب، انظر: علل الحديث لابن أبي حاتم (٢/ ٤١٣)، و علل الدارقطني (٦/ ٢٩٨)، ويدل هذا على أن الحديث محفوظ من مسند أبي واقد ﵁، والراجح أنه تابعي كبير، كما قال جمهور أهل العلم، وهو متفق على ثقته، قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه ثقة. انظر: "المنهاج شرح صحيح مسلم" (٢/ ٧٦).