للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونزل في حلب عند قاضي الشافعية العلّامة علاء الدين علي بن محمد بن سعد الطائي المعروف بابن خطيب الناصرية (ت ٨٤٣ هـ)، فأقام بحلب خمسة عشر يومًا، وخلالها سمع على البُرْهان الحلبيّ الحديثَ المسلسلَ بالأولية بقراءة برهان الدين البقاعي، كما قرأ بنفسه عليه "مشيخة الفخر بن البخاري - تخريج ابن الظاهري" في أربعة مجالس وسمع أشياءَ أخرى.

وحَصَّل في حلب فوائدَ ونوادرَ علّقها في تذكرتِه التي سمّاها "جَلَب حَلَب"، كما علّق بخطِّه في حال إقامتِه بالشام وحلب أشياءَ كثيرةً جِدًّا تزيد على مجلدينِ فمن ذلك: أنّه انتقى "تاريخَ قزوين" للرافعي، و "زوائدَ الألغاز" للغَزِّي، ولَخَّصَ "ثَبَت البُرْهان الحلبي".

وقُرِئت عليه هناك أشياء كثيرة روايةً ورايةً، فمن الرواية: "مُسنَد الإمام الشافعيّ، ومن الدراية: "شرح النخبة".

فهكذا هي حياةُ الحافظ ابن حجر؛ تنضح بالتعلُّم والتعليم، والدعوة والتقويم، على سَنَنِ العلماء الربّانيّين، الذين شروا أنفسهم ابتغاء مرضات الله جل وعلا، فجزاه اللهُ تعالى عمّا قدّم خير الجزاء وأوفاه (١).

[المبحث الرابع: أشهر شيوخه]

لقد كان لكثرة رحلات الحافظ ابن حجر رحمه لله إلى مختلف البلدان وشتّى الأقطار أثرٌ كبيرٌ في كثرة شيوخه لاسيّما عند تنوّع طرق تلقّيه عنهم، فمنهم الذين سمع عليهم، ومنهم من أخذ عنهم عرضًا، ومنهم الذين أجازوه، وبلغ الأمر من كثرتهم أن أفرد فيهم مؤلَّفًا خاصًّا سمّاه "المجْمَع المؤسِّس للمعجم المفَهْرِس"، سَرَدَ فيه أسماءَهم، وعرَّف لكلٍّ بتعريفٍ موجزٍ.


= توفّي سنة إحدى وأربعين وثمانمائة (٨٤١ هـ). انظر ترجمتَه في: "المجمع المؤسِّس" (٣/ ٩ - ١٥).
(١) انظر: "رفع الإصر" (ص ٦٢ - ٦٤)، و "الجواهر والدرر" (١/ ١٢١ - ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>