للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليه ما لا يُستغنى عنه من اعتراضٍ على مؤلِّفه في تصرُّفِه، أو إثباتِ حجةٍ فيما نقله، أو استدراكٍ لما لم يذكره، أو سقطٍ، أو تصحيفٍ، أو غير ذلك (١).

[المبحث التاسع: وفاته]

بعد حياةٍ مليئةٍ بالعلم والرحلة فيه، والتدريس والتأليف، والفتوى والقضاء؛ أَزِفَ وقتُ رحيل الحافظ ابن حجر، فابتدأ المرضُ به في ذي القعدة من سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة (٨٥٢ هـ)، فألمّ بمعدتِه ألمٌ شديدٌ، تَعِبَ معه، ومع ذلك لم يترك هذا الجبل الأشمّ جُمعةً، ولا جماعة.

وكان يستشعر دُنُوَّ أجله، فكان إذا أُخبر بالمنامات وشبهها ممّا يدل على رجاء تعافيه وحصول بُرئه يقول: (أما أنا فلا أراني إلا في تناقصٍ، وما أظن الأجل إلا قد قَرُب)، ثمّ يُنشد:

ثاءُ الثلاثين قد أوهت قُوى بدني … فكيف حاليَ في ثاء الثمانينا

ويقول: (الله حرمتني عافيتَك، فلا تحرمني عفوَك).

ثمّ اشتدّ به الخطبُ وعظم الكرب، وهو في كل هذا يستقبل من يعوده، ويتودّد إلى من يزوره، حتى إذا كان يوم الثلاثاء رابع عشري ذي الحجة حضر عنده قاضي المالكية البدر بن التَّنَسي (٢) مع جماعةٍ للسلام عليه - على العادة، فأطال الجلوس معه واستأنس به، وبعد أن خرجوا من عنده استدعى الحافظُ بوضوء، وأخذ يتوضأ، فما تمكّن من إتمامه، ومن يومئذٍ


(١) انظر: "الجواهر والدرر" (١/ ٣٧٥).
(٢) هو بدر الدين محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عطاء الله السَّكندريّ ثم القاهريّ المالكيّ، مات سنة ثلاثٍ وخمسين وثمانمائة (٨٥٣ هـ). انظر ترجمتَه في: "الضوء اللامع" (٧/ ٩٠ - ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>