للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحاكم: فأمَّا سَمَاعُه ورِحْلَتُه وأفرادُ حديثِه، فأكثرُ من أن يمكن ذكرُها (١).

وقال محمَّد بن يزيد العَطَّار: سمعتُ يعقوبَ بن سفيان: كنت في رِحْلَتِي، فَقَلَّت نَفَقَتِي، فكنت أُدْمِن الكتابة ليلًا، وأقرأُ نهارًا، فلما كان ذاتَ ليلةٍ كنت جالسًا أنسخُ في السِّرَاج، وكان شِتَاءً، فنزَل الماءُ في عَيْنَيَّ، فلم أُبْصِر شيئًا، فَبَكَيْتُ على نفسي لانْقِطَاعي عن بلدي، وعلى ما فاتَنِي من العلم، فَغَلَبَتْنِي عَيْنَايَ، فنمتُ، فرأيتُ النبيَّ في النَّوم، فناداني، يا يعقوب! لِمَ أنت كَئِيْبٌ؟! فقلت: يا رسول الله! ذَهَبَ بَصَرِي، فَتَحَسَّرْتُ على ما فاتَنِي، فقال لي: ادْنُ منِّي، فدنَوْتُ منه، فأَمَرَّ يدَهُ على عَيْنَيّ، كأنه يقرأُ عليهما، ثم استيقظتُ فأَبْصَرْتُ، فأخذتُ نُسَخِي، وقَعَدتُّ أَكْتُب (٢).

وقال أبو زرعة الدِّمَشْقيّ: قدِمَ علينا رَجُلان من نُبَلاءِ الناس؛ أحَدُهما وأَرْحَلُهما يعقوبُ بن سفيان، يَعْجَزُ أهلُ العِرَاقِ أن يروا مثله رجلًا، وكان يَجِيْتُني في التَّاريخ يَنْتَخِبُ منه (٣)، وكان نبيلًا جليلَ القدر، فبَيْنَا أنا قاعدٌ في المسجد، إذ جاءَنِي رجلٌ من أهلِ خُرَاسان، فقال لي: أنت أبو زرعة؟ قلت: نعم، فجَعَلَ يسألُنِي عن هذه الدَّقَائِق، فقلت: مِنْ أين جمعْتَ هذه؟ قال: هذه كَتَبْنَاها عن يعقوب بن سفيان عنك (٤).


(١) "تاريخ دمشق" (٧٤/ ١٦٢) (١٠١٢٨).
(٢) "تاريخ دمشق" (٧٤/ ١٦٢) (١٠١٢٨)، "البداية والنهاية" (١٤/ ٦٣٠ - ٦٣١).
(٣) أي: يأتي إليَّ من أجل كتابي "التاريخ" ينتخب منه فوائد.
(٤) "تاريخ دمشق" (٧٤/ ١٦٣ - ١٦٤) (١٠١٢٨). والرجل الثاني المشار إليه في النصّ؛ (رجلان من نُبَلاءِ الناس) هو حرب بن إسماعيل الكرماني، أبو محمد، قال الخلال: كان رجُلًا جَلِيْلًا، حَثَّني المروذي على الخروج إليه، قال الذهبي: مسائلُ حَرْبٍ من أنفس كتب الحنابلة، وهو كبير في مجلدين، توفي سنة ثمانين ومائتين. ينظر: "سير أعلام النبلاء" (١٣/ ٢٤٥) (١٢٧).