للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أحد أئمة القُرّاء من أهل الكوفة، استوطن بغداد، وكان يُعَلِّم بها الرشيد، ثم الأمين من بعده، وكان قد قرأ على حمزة الزيات، فأقرأ ببغداد زمانًا بقراءة حمزة، ثم اختار لنفسه قراءة، فأقرأ بها الناس، وقرأ عليه خلقٌ كثير ببغداد وبالرّقة وغيرهما من البلاد، وحُفِظَتْ عنه، وصنَّف "معاني


= العرب بنجد وتهامة، فخرج الكِسائي إلى الحجاز فأقام مدةً في البادية، حتى حصل من ذلك ما ذكر أنه أفنى عليه خمس عشرة قنينة من الحبر، غير ما في حفظه، ولما رجع تصدَّر، وناظر يونس بن حبيب وغيره، واختار لنفسه قراءةً حملت عنه، وعُرفت به، ثم استوطن بغداد، وعلم الرشيد، ثم علَّم ولده الأمين، وكانت له وجاهة كبيرة عندهم.
روى عنه القراءات: أبو عُمر الدُّورِيّ وأبو الحارث الليث بن خالد، ونصير بن يوسف، وقتيبة بن مهران، وأحمد بن سريج، وأبو عُبيد، ويحيى الفراء، وخلف بن هشام، وغيرهم.
ورووا عنه الحديث، وله مناظرات مع اليزيدي صاحب أبي عمرو.
ويُقال: إِنَّ سبب تسميته الكِسائي أنَّه كان يحضر مجلس حمزة بالليل ملتفًّا في كساء، وقيل: أحرم في كِساء فلُقب الكسائي، وأثنى عليه الشافعيُّ في النحو.
وقال ابن الأنباري: كان أعلم الناس بالنحو، والعربية، والقرآن، وكانوا يُكثرون عليه في القراءات فجمعهم وجلس على كرسيٍّ وتلا القرآن من أوله إلى آخره، وهم يستمعون ويضبطون عنه حتى الوقف والابتداء.
وقال إسحاق بن إبراهيم: سمعته يقرأ القرآن مرتين.
وقال خلف بن هشام: كنت أحضر قراءته، والناس ينقطون مصاحفهم على قراءته، وله من الكتب "معاني القرآن"، و "القراءات"، وكتابٌ في النحو، وكتاب "النوادر الكبير" وغير ذلك، وله مع سيبويه المناظرة المشهورة، ومع اليزيدي مجالس معدودة عند الرشيد، وغيره.
وكانت وفاته وهو صحبة الرشيد بالريّ، فمات بها في سنة ثمانين، أرَّخه سلمة بن عاصم، ووافقه آخرون، وقيل: مات سنة إحدى، وقيل اثنتين، وقيل: ثلاث، وقيل: خمس، وقيل: سنة ثلاث وتسعين، والأول هو المعتمد.
ذكره صاحب الكمال ولم يذكر من أخرج له)، وما بين المعقوفتين غير واضح في المخطوط، فأثبتُّه من مطبوع "التهذيب" (٧/ ٣١٣).