للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أفرأيت إن وَعَد اللهُ على عَمَلِ عِقَابًا يُخلف وَعْده؟ فقال له أبو عمرو: منَ العُجْمَة أُتِيت، يا أبا عثمان إن الوَعْد غيرَ الوَعيد، إن العربَ لا تُعِدُّ خُلْفًا ولا عارًا أنْ تَعِد شَرًّا ثم لا تَفْعَله، بل ترى أن ذلك كَرَمٌ وفَضْل، إنما الخُلْف أن تَعِدَ خَيْرًا ثم لا تَفْعَله، قال فَأَوْجِدْني هذا في كلام العرب، قال أما سمعت:

لا يَرْهَبُ ابنُ العَمِّ ما عشت صولتي … ولا أختبي من خشية المتهدد

وإني وإن أوعدته أو وعدته … لمخلف إيعادي ومنجز موعدي (١)

وقال إسحاق بنُ إِبْراهيم بنِ حَبِيب بنِ الشَّهيد عن قُرَيْش بنِ أَنَس (٢): سمعت عمرَو بن عُبيد يقول: يؤتى بي يومَ القِيامة، فأُقام بينَ يَدَي الله تعالى، فيقول لي: لم قلت إن القاتل في النار، فأقول: أنت قلته، ثم تلا: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ [النساء: ٩٣] الآية. قال: فقلت له - وما في القوم أصغر مني -: أرأيت إن قال لك: إني قد قلت: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ﴾ [النساء: ٤٨، ١١٦]. من أين علمت أني لا أشاء أن أغفر لهذا؟ قال: فما رد علي شيئًا (٣). والأخبار عنه في هذا الباب كثيرة جدًّا.

قال الخطيب: كان يسكن البصرة، وجالس الحسن، وحفظ عنه، واشتهر بصحبته، ثم أزاله واصل بنُ عَطاء عن مذهب أهلِ


(١) "الكامل" لابن عدي (٦/ ١٧٧)، برقم (١٢٧٨)، و"تاريخ بغداد" (١٤/ ٧٤). وهما لعامر بن الطفيل، وقد ورد ذكره في "البصائر والذخائر" لأبي حيان التوحيدي (١/ ١٧٧).
(٢) هو: قريش بن أنس الأنصاري، ويقال: الأموي أبو أنس البصري، صدوق، تغير بأخرة قدر ست سنين، من التاسعة "التقريب" (٥٥٧٨).
(٣) "تاريخ بغداد" (١٤/ ٨٣)، برقم (٦٦٠٥).