للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأحمد بن حنبل، وغيرهم، فامتحنُوه فكُلُّهم قال: كتابك صحيحٌ، إلا أربعةَ أحاديث؛ قال العُقَيليّ: والقولُ فيها قولُ البخاري، وهي صحيحةٌ (١).

قال مَسْلَمة: وأَلَّفَ عليُّ بن المديني كتابَ "العِلل"، وكان ضَنِينًا به، فغابَ يومًا في بعض ضياعِهِ، فجاء البخاري إلى بعضِ بَنيهِ، وأرغبهُ بالمال على أن يرى الكتاب يومًا واحدًا، فأعطاهُ له، فدفعهُ إلى النُّسَّاخ، فكتبوهُ له، وردَّه إليه، فلمَّا حضرَ عليٌّ، تكلَّم بشيءٍ، فأجابه البخاريُّ بنصِّ كلامه مِرارًا، ففهم القِصة، واغتمَّ لذلك، فلم يزلْ مغمومًا حتى مات بعد يسير، واستغنى البخاري عنه بذلك الكتاب، وخرجَ إلى خراسان، ووضع كتابه "الصَّحيح" (٢)، فعظُمَ شأنه، وعَلا ذكرُهُ، وهو أول من وضع في الإسلام كتابًا صحيحًا، فصار النَّاس له تبعًا بعد ذلك.

قلتُ: إنما أوردتُ كلام مَسْلَمة هذا، لأُبيِّنَ فسادهُ، فمِنْ ذلك إطلاقه بأنَّ البخاري كان يقول بخلق القرآن، وهو شيءٌ لم يسبقه إليه أحدٌ، وقد قدَّمنا ما يدلُّ على بطلانِ ذلك. وأمَّا القصَّة التي حكاها فيما يتعلق "بالعلل" لابن المديني، فإِنَّها غَنيَّةٌ عن الرَّدِّ لظُهور فَسَادها، وحسبُك أنَّها بلا إسناد، وأنَّ البخاري لمَّا مات عليٌّ كان مُقيما ببلاده، وأنَّ "العلل" لابن المديني قد سمعها منه غيرُ واحدٍ غيرَ البخاري، فلو كان ضَنينًا بها لم يُخرجها، إلى غير ذلك من وجوه البطلان لهذه الأُخلُوقَة، والله الموفق.

وقال صالح جَزَرة: قال لي أبو زرعة الرَّازي: يا أبا علي، نظرتُ في كتاب محمد بن إسماعيل هذا أسماء الرجال يعني "التَّاريخ"، فإذا فيه خطأٌ كثيرٌ! فقلتُ له: بَلِيَّتُه أنَّه رجل كل من يقدم عليه من العراق، من أهل بخارى، نَظَر في كتبهم، فإذا رأى اسمًا لا يعرفُهُ، وليس عندهُ كَتَبَهُ، وهم


(١) "فهرسة ابن خير" (ص ٨٣).
(٢) قال في هامش: (م) ليُتَأمل هذا مع ما تقدَّم أنه عرض كتابه على علي بن المديني.