للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وقال الذَّهبيُّ في "الميزان": قال ابن الجوزي: كَذَّبَهُ الرَّبيع؛ ورَدَّهُ الذَّهبيُّ بأَنَّهُ صدوقٌ، ثُم نَقَلَ كلامَ النَّسائي وغيره فيه (١)، انتهى.

وابنُ الجَوزي نَقَلَ ذلك من كلام الحاكم، حيثُ نقل في "علوم الحديث" (٢) من طريق ابن عبد الحَكَم قصة مناظرةِ الشَّافعي مع محمد بن الحسن، فيما يُنسبُ إلى أهل المدينة من تجويز إتيان المرأة في الدُّبر، وهي قصةٌ مشهورةٌ فيها احتجاجُ الشَّافعي لمن يقول بالجَوازِ، قال: فقال الرَّبيع لَمَّا بلغهُ ذلك: كَذَبَ محمد والله الذي لا إله إلا هو لقد نَصَّ الشَّافعي على تحريمِهِ في سِتَّةِ كُتبٍ (٣).

وقد أوضحتُ في مواضعَ أُخر أنَّه لا تنافي بين القولين، فالأولُ كانَ الشَّافعيّ حَاكيًا عن غيرهِ حُكمًا واستدلالًا، ولو كان بعض ذلك من تصرُّفهِ، فالباحث قد يرتكب غيرَ الرَّاجح، بخلاف ما نقلهُ الرَّبيع، فإنَّه في تلك المواضعِ يذكر معتقدَهُ.

نعم في آخرِ الحكاية قال: والقياسُ أَنَّه حلالٌ، وقد حكى الذَّهبي ذلك أيضًا وتعقَّبَهُ بقوله: هذا منكرٌ من القولِ، بل القياس التحريم، كذا قال (٤)، ولم يَفهم المرادَ، فإنَّ في الحكاية عَمَّن قال بالتحريم أنَّ الحُجَّة قول الله تعالى: ﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ﴾ الآية [المؤمنون: ٧]، فدلَّ على الحصرِ في


(١) "ميزان الاعتدال" (٣/ ٦١١)، وكلام ابن الجوزي لم أجده فلعله ذكره في "جُزئِهِ" الذي أفرده في المسألة، كما نصَّ على ذلك في "التحقيق في أحاديث الخلاف" (٢/ ٢٨٠).
(٢) لم أجده في الكتاب المذكور، وقد نصَّ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (٣/ ٣٧٢) أنَّ الحاكم أخرج ذلك في "مناقب الشَّافعي" له.
(٣) "الحاوي الكبير" للماوردي (٩/ ٣١٧)، وانظر: "آداب الشافعي ومناقبه لابن أبي حاتم (ص ١٦٦)، و"مناقب الشافعي" للبيهقي (٢/ ١٢).
(٤) "ميزان الاعتدال" (٣/ ٦١٢).