للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ما يَصبر عليه أبو عبد الرحمن كان عندَه حديثُ ابن لَهيعة ترجمةً ترجمةً، فما حَدّثَ بها، وكان لا يرى أنْ يُحَدِّثَ بحديثِ ابن لهيعة (١).

وقال الدّارقطنيُّ: كان أبو بكر بن الحدّاد الفقيه كثير الحديثِ، ولم يُحَدِّثْ عَن أحدٍ غير أبي عبد الرحمن النّسائيّ (٢) فقط، وقال: رَضيتُ به حُجّةً بيني وبين الله [تعالى] (٣).

وقال أبو بكر المأموني: سألتُه عَن تصنيفه كتاب "الخصائص"، فقال: دخلتُ دمشقَ، والمنحرِفُ بها عن عليٍّ كثيرٌ، فصنّفتُ كتابَ "الخصائصِ" رجاءَ أنْ يهديهم الله، ثمّ صنّف بعد ذلك كتاب "فضائلِ الصحابةِ"، وقَرَأَها على النّاسِ، وقِيلَ له وأنا حاضر ألا تُخرج فضائلَ معاوية؟ فقال: أيّ شيءٍ أُخرج؟ "اللّهمّ لا تشبع بطنَه" (٤)، وسَكَتَ وسَكَتَ السائلُ.

وقال النّسائيُّ: يُشبِهُ أنْ يكون مولدي في سنة خمس عشرة ومئتين؛ لأنّ رحلتي الأولى إلى قتيبة كانت في سنة ثلاثين، أَقمتُ عندَه سنةً وشهرين (٥).


(١) "سؤالات السّلمي للدّارقطنيّ" (ص ١٠٢).
(٢) سقطت كلمة "النسائي" من (ش)، وهي مثبتة في الأصل و (م).
(٣) "سؤالات السّلمي للدّارقطنيّ" (ص) ٣٦٤).
وما بين المعقوفتين زيادة من (م)، ليست في الأصل، ولا في (ش).
(٤) أخرجه الإمامُ مسلمٌ في "صحيحه" (رقم ٢٦٠٤) من حديث عبد الله بن عبّاس بلفظ: (لا أَشبعَ اللهُ، بطنَه)، وكان أَخرجَ قبله حديثَ أنس بن مالك أنّ النبيّ قال: (اشترطتُ على ربّي فقلتُ: إنّما أنا بشر، أرضى كما يرضى البشر، وأغضبُ كما يغضبُ البشر، فأيّما أحد دعوتُ عليه من أمّتي بدعوةٍ ليس لها بأهلٍ أنْ يجعلها له طهورًا، وزكاةً، وقُربةً يُقرِّبه بها منه يوم القيامة).
وإنّما أخرج الإمامُ مسلمٌ حديثَ ابن عبّاس عقب حديث أنس للدّلالة على أنّ في قول النّبيّ لمعاوية: (لا أَشبعَ اللهُ بطنَه) فضيلةً له؛ فإنّه يكون له طهورًا وزكاةً وقُربةً عند الله ﷿ يوم القيامة، وهذا من فقه الإمام مسلمٍ وحُسن تصنيفِه.
(٥) "تاريخ بغداد" (٢/ ٤٩٩ - ترجمة محمد بن جعفر الدّمياطي المعروف بابن الإمام).