للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عمَّار، فإن القطَّان مات أوّل سنة ثمان وتسعين عند رجوع الحُجَّاج، وتَحَدُّثِهم بأخبار الحِجاز، فمتى تَمكَّن من سماع هذا؛ حتى تهيَّأ له أن يشهد به؟ ثمَّ قال: فلعله بَلَغه ذلك في وسط السَّنة (١) انتهى.

وهذا الذي لا يَتَّجه غيره؛ لأن ابن عمار من الأثبات المتقنين، وما المانع أن يكون يحيى بن سعيد سمعه من جماعة ممن حجَّ في تلك السَّنة واعتمد قولَهم، وكانوا كثيرًا، فشهد على استفاضتهم.

وقد وجدتُ عن يحيى بن سعيد شيئًا يصلح أن يكون سببًا لما نقله عنه ابن عمَّار في حقِّ ابن عُيَينة، وذلك ما أورده أبو سعد ابن السَّمعاني (٢) في ترجمة إسماعيل بن أبي صالح المؤذن من "ذيل تاريخ بغداد" بسند له قويٍّ إلى عبد الرَّحمن بن بِشْر بن الحَكَم قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: قلتُ لابن عُيَينة: كنت تكتب الحديث، وتحدِّثُ اليوم، وتزيد في إسناده أو تنقص منه؟ فقال: عليك بالسَّماع الأول؛ فإنِّي قد سَئِمت.

(وقد أَثْبَتَ المزِّيُّ اختلاط سفيان بن عُيَينة، فقال في ترجمة عَوْسَجة بن الرَّمَّاح بعد أن ذكر حديثًا اخْتُلِفَ في سنده على سفيان، فقال: والوهم فيه من ابن عُيَينة، فلعلَّه مما رواه بعد الاختلاط (٣).


(١) "ميزان الاعتدال" (٢/ ١٦١)، وقال في "السير" (٨/ ٤٦٥): فأما ما بلغنا عن يحيى بن سعيد القطاَّن، أنه قال: اشهدوا أن ابن عُيَينة اختلط سنة سبع وتسعين ومئة، فهذا مُنكر من القول، ولا يصحُّ، ولا هو بمستقيم، فإن يحيى القطَّان مات في صفر، سنة ثمان وتسعين، مع قُدُوم الوفد من الحجِّ، فمن الذي أخبره باختلاط سُفيان، ومتى لحق أن يقول هذا القول، وقد بلغت التَّراقي؟ وسُفيان حُجَّة مطلقًا، وحديثه في جميع دواين الإسلام.
(٢) هو الإمام الحافظ أبو سعد عبد الكريم بن محمَّد بن منصور التَّميميُّ، السمعاني، الخُراساني، صاحب المصنفات الكثيرة، ت ٥٦٢ هـ). "سير أعلام النبلاء" (٢٠/ ٤٥٦).
(٣) "تهذيب الكمال" (٢٢/ ٤٣٢).