للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكامل)، قال السخاويُّ عقبه: (وهو كسلاسل الذَّهب، غاية في النِّسبة، يكون بخطِّ غيره نحو كُرَّاسين فأكثر).

رابعًا: رِفاقُه الذين كانوا على درجةٍ عُليا من الدِّيانة، والتواضع، والاهتمام بالعلم، والبُعد عن التوغُّل في الغِلِّ، والحسد، والكتمان، وتكرّر ذكر ما يقتضي الامتنان، فلذا يُعين كلُّ رفيقٍ رفيقه نوبةً بالقراءة، ومرةً بالكتابة، وأخرى بالعارية ووقتًا بالمذاكرة، ويُجمِّل كلُّ واحدٍ منهم الآخر بقلمِه ولسانِه.

خامسًا: قصر همته في رحلاته وغيرها على المطالعة والقراءة والسماع والعبادة والتصنيف والإفادة، بحيث لم يكن يُخلي لحظةً من أوقاتِه عن شيءٍ ذلك، حتّى في حال أكلِه ومشيِه، بل نَقَلَ عنه تلميذُه السخاويُّ أنّه قال: (إنّني لأتعجب ممّن يجلس خاليًا عن الاشتغال) (١).

ولأجل هذه الأمور - بفضل الله تعالى وتوفيقه - تبوّأ منزلةً علميةً رفيعةً في العلم، ذاع بها صيتُه، واشتهر فيها أمرُه.

ومما يدل على تلك المنزلة:

أوّلًا: كثرةُ مؤلفاتِه الدالة على غزارة علمه في شتى الفنون، وبخاصة علم الحديث (٢).

ثانيًا: إجازة شيوخه له بالتدريس والفتوى؛ فمن ذلك: أن شيخَه سراج الدين البُلقينيّ كَتَبَ له: (أجزتُ له أن يُفتي بذلك لطالبيه بالتوجيه الوجيه؛ فإنه نِعْمَ الفاضل النبيه، وكتبه عُمر البُلقينيّ)، وكإذن الحافظُ العراقيّ له بتدريس كتب الحديث وعلومه (٣).


(١) انظر: "الجواهر والدرر" (١/ ١٢٣ و ١٦١ - ١٧٤).
(٢) وسيأتي الكلام عن ذلك في المبحث الثامن - إن شاء الله تعالى -.
(٣) انظر: "الجواهر والدرر" (١/ ٢٦٨ و ٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>