(الثاني) ما رواه يحيى بن جُرْجَة، عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة، عن النبي ﷺ مرسلًا، لم يقل فيه: (عن أبيه)، وأخرج حديثه: الدارقطنيُّ في "السنن" (٣/ ٨١) من طريق علي بن صالح، عن يحيى بن جُرْحَة، عن الزهري به. ويحيى بن جُرْجه، شيخٌ ليس بالمشهور، فلا يُعْرفُ في شيوخه غير الزهري، وقال عنه أبو حاتم: (شيخ)، وذكره ابن حبان في "الثقات" (٧/ ٥٩٩)، وقال: (ربما خالف)، وقال ابن عدي في "الكامل" (٧/ ٢٢٩): (أرجو أنه لا بأس بحديثه)، وقال الذهبي في "الميزان" (٤/ ١٠٩): (لا يُعرف، حدَّث عن الزهري بحديث معروف، ما حدَّث عنه غير ابن جُريج). فمِمَّا تقدم يتبين ضعف روايته عن الزهري، لأن التفرد من مثله بهذا الوجه لا يُحتمل، لا سيما وقد تفرد عن إمام مشهور وهو الزهري. بَيْدَ أَنَّ ابنَ جريج قد تابعه على هذه الرواية فأخرج عبد الرزاق في "المصنف" (٣/ ١٨٦ برقم: ٥٨٠٢)، ومن طريقه الإمام أحمد في "المسند" ٣٩/ ٢٧، برقم: ٢٣٦٦٣)، وأبو داود في "السنن"، باب من روي نصف صاع من قمح برقم: ١٦٢١) كلهم من طرق عن ابن جريج قال: وقال الزهري عن عبد الله بن ثعلبة عن النبي ﷺ مرسلًا. ويشكل على هذه المتابعة أنَّ ابن جُريج وإن كان ثقةً، حافِظًا، إلا أنه معروفٌ بالتدليس عن الضعفاء، فقد ذكره المصنف في الطبقة الثالثة المدلسين وقال: (قال الدارقطني: شَرُّ التدليس تدليس ابن جُرَيج، فإنه قبيح التدليس؛ لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح) "طبقات المدلسين" (ص ٤١)، وهذا الضعف في تدليسه يشتد إن كان عن الزهري خاصة، كما قال ابن معين: (ليس بشيءٍ في الزهري) "تاريخه برواية الدوري" (١/ ٤٣)، ومراده إذ لم يصرح عنه بالسماع.=